ما زال حلم إنتاج جهاز واحد مناسب لجميع الاستخدامات يراود الكثير من الشركات، ومن هنا ظهرت منذ عدة سنوات فئة ما يُعرف بالحواسب الهجينة أو الحواسب المتحوّلة والتي تسعى لتقديم جهاز واحد يستطيع المُستخدم الاعتماد عليه كحاسب محمول وحاسب لوحي، وشاشة لمشاهدة الأفلام، وغير ذلك.
يمكننا القول بأن جميع المحاولات لصناعة (الجهاز الأوحد) قد فشلت حتى الآن في تحقيق الهدف. وأنا لا أقصد بأن الأجهزة الهجينة والمتحولة هي غير ذات فائدة بحد ذاتها، لكن القصد هو فشلها في استبدال جهازين أو ثلاثة وجمعها في جهاز واحد. ما زال الحاسب المحمول التقليدي متفوقًا ولا يمكن الاستغناء عنه في حالات معينة، وما زال الحاسب اللوحي متفوقًا في استخدامات أخرى.
العديد من الشركات أصدرت خلال السنوات الفائتة -وما زالت تُصدر- حواسب هجينة، نذكر منها أسوس التي رُبما كانت أول من بدأ هذا الطريق في سلسلة Transformer، ولينوفو في سلسلة Yoga، ومايكروسوفت في أجهزة Surface.
الكثير من هذه الأجهزة كان جيدًا بحد ذاته، لكنك لا تستطيع اعتباره (الجهاز الأوحد) بعد، فهو في الحقيقة لا يقدم تجربة مريحة لاستخدامه كجهاز (سطح مكتب) كتلك التي يقدمها حاسبك المحمول، ولا يقدم تجربة قراءة مريحة كتلك التي يقدمها الحاسب اللوحي.
سيكون هناك دائمًا نقص ما، يمنعك من استخدام الجهاز بشكل دائم كجهاز رئيسي، فهو إما ثقيل الوزن، أكبر من اللازم، شاشته أصغر من اللازم، لوحة مفاتيح سيئة، مُرتفع السعر بحيث يجعلك تفضل شراء حاسب محمول تقليدي، … وغير ذلك من المشاكل التي ترافق عادةً هذه الأجهزة.
ماذا عن Lenovo Yoga Book؟
أعلنت لينوفو قبل أيام خلال مؤتمر IFA 2016 عن أحدث إصداراتها في هذا المجال، وهو جهاز Lenovo Yoga Book. وقد حاولت الشركة في هذا الجهاز تلافي عيوب الأجهزة المتحولة الأخرى. قمتُ بتجربة الجهاز خلال المعرض وأعتقد أن الشركة قدمت شيئًا مُبدعًا بالفعل، ليس هو (الجهاز الأوحد) إلى حدّ الآن بكل تأكيد، لكني أعتقد أنها بداية جيدة جدًا تحتاج إلى سنة أو عدة سنوات قبل أن تنضج.
تابع المراجعة لمعرفة المزيد …
ما هو Yoga Book باختصار؟
لن نتحدث بالتفصيل عن جميع ميزات الجهاز، حيث ذكرناها بشكلٍ وافٍ في تغطيتنا السابقة له. لكن باختصار استغنت لينوفو عن لوحة المفاتيح التقليدية وقدمت جهازًا ذا شاشتين، يمكن لواحدة منها أن تتحول إلى لوحة مفاتيح افتراضية عند الحاجة للكتابة، أو أن تتحول إلى (لوحة رسم) تتيح لك استخدام القلم للرسم أو كتابة الملاحظات.
الاستغناء عن لوحة المفاتيح الفيزيائية سمح للينوفو اختصار الكثير من وزن وسماكة الجهاز، وبرأيي فإن هذا قد يكون أول حاسب متحول ستشعر أنك تريد فعلًا حمله معك أينما ذهبت. أعلم أن جميع الأجهزة من هذا النمط يتم التسويق لها على أنها الأجهزة الخفيفة المتنقلة، لكن -أكرر- ستشعر أنك تريد حمل هذا الجهاز معك فعلًا أينما ذهبت بفضل نحافته ووزنه الخفيف وميزاته.
عند إغلاق وطي الجهاز، يمكن أن تلاحظ الفخامة والدقة الشديدة في التفاصيل. الحاسب مصنوع من خليط الألمنيوم والمغنزيوم. شكل الجهاز بسيط و (حيادي) جدًا، وقد يعتقد الناظر للوهلة الأولى أنه دفتر ملاحظات أو مفكرة تقليدية. الملمس الخارجي لطيف، والحاسب غاية في الخفّة ويمكن أن يتسع بسهولة في أية حقيبة أو حمله في اليد دون أي عناء.
يتوفر الجهاز بنسخة تعمل بأندرويد وأخرى تعمل بويندوز. الفارق الوحيد بين النسختين علاوة على نظام التشغيل هوالسعر. تُقدم كلتا النسختين شاشة بقياس 10.1 إنش بدقة 1080p ومعالجIntel Atom x5-Z8550 مع 4 غيغابايت من الذاكرة العشوائية و 64 غيغابايت من مساحة التخزين الداخلية ودعم microSD وبطارية بسعة 8500 ميلي أمبير. تباع نسخة أندرويد بسعر 499 دولار ونسخة ويندوز 10 بسعر 549 دولار.
النسخة التي قمت بتجربتها كانت نسخة ويندوز، وبحسب تجربتي القصيرة والسريعة فإن الأداء جيد جدًا، لكنه بالتأكيد لن يكون رائعًا للقيام بمهام كبيرة كفتح الكثير من تبويبات كروم أو استخدام فوتوشوب، لكني سأعود إلى هذه النقطة لاحقًا.
يأتي مع الجهاز قلم يتيح الكتابة على الشاشة، كما يمتلك حبرًا حقيقيًا يتيح الكتابة على الورق. الرائع في القلم هو أنه يسمح لك الكتابة على الورق و (رقمنة) ما تكتبه على الورق العادي بشكل فوري وإظهاره على شاشة الجهاز.
ما يميز الحاسب بالطبع هو المفصل المرن الذي يسمح بتدوير الشاشتين بنسبة 360 درجة، ما يتيح عدة وضعيات للاستخدام مثل إسناده بشكل (خيمة) لمشاهدة الفيديو، أو طيّه بشكل يُمكّن من استخدامه كحاسب لوحي.
تجربة استخدام الجهاز كحاسب لوحي، هي ليست أفضل تجربة على الإطلاق، فرغم نحافة الجهاز إلا أنه بالتأكيد أكثر سماكة من حاسبك اللوحي. لهذا لو كنت ممن يستخدمون حاسبهم اللوحي استخدامًا كثيفًا للقراءة، فما زال الحاسب اللوحي أكثر سهولة وراحة. لكن لو لم تكن تمتلك حاسبًا لوحيًا، أو كنت مُسافرًا ولا تريد حمل عدة أجهزة معك، فإن التجربة التي يقدمها Yoga Book ستكون كافية.
بالنسبة للكتابة على لوحة المفاتيح الافتراضية، فهي ليست بسلاسة وسهولة الكتابة على لوحة مفاتيح تقليدية، ما قد يجعل الجهاز غير مناسبٍ لك في حال كنت ستستخدمه للكتابة بشكل مكثف، ككتابة مقالات طويلة أو أبحاث جامعية وما شابه، لكنه جيد لكتابة رسائل البريد الإلكتروني القصيرة أو الكتابة على شبكات التواصل الاجتماعي. بالتأكيد يمكن أن تعتاد على لوحة المفاتيح تدريجيًا وتُصبح أكثر مهارة في استخدامها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى لوحة المفاتيح التقليدية من حيث سرعة الكتابة، لكنك بالمقابل تحصل على جهاز نحيف وخفيف بشاشتين. كما أن لوحة المفاتيح محسّنة برمجيًا لتصحيح الأخطاء بشكل شبيه لـ Swiftkey وغيرها من لوحات المفاتيح التنبؤية وهو ما لم تسنح لي فرصة اختباره بشكل جيد.
لماذا سأنتظر الجيل الثاني من الجهاز؟
هذا هو أول جهاز من نوع الأجهزة الهجينة أرى أنه اقترب جدًا من المرحلة التي ستجعلني أقتنع بها، ليس كبديل كامل عن أجهزتي الأخرى بالطبع (فهذا ما زال بعيدًا)، لكن كبديل أكثر من جيد للكثير من الاستخدامات، خاصة ما يتعلق بالسفر أو التنقل بين أماكن العمل.
بشكلٍ عام، سأحاول مقاومة إغراء شراء الجهاز الآن وانتظار الجيل الثاني منه لسببين:
- لوحة المفاتيح: نظريًا، هذه ميزة جذابة جدًا حيث يمكنك تشغيل لوحة المفاتيح لدى حاجتك إليها فقط دون الحاجة لحمل لوحة مفاتيح فيزيائية معك دائمًا. لكنها لا تناسبني شخصيًا لأن عملي يتطلب الكتابة والكثير من الكتابة (كما يمكن أن تتوقع)، ولأني عالي السرعة في الطباعة على لوحة المفاتيح التقليدية. لهذا فإن لوحة المفاتيح اللمسية ستؤدي لإبطاء عملي بشكل كبير. لا أدري ما الذي يجب أن تفعله لينوفو لتحسين تجربة الكتابة (في النهاية لا أتخيل لوحة مفاتيح لمسية يمكن أن تجاري التقليدية)، لكني أتوقع أن تفكر الشركة بحلول لتحسينها حتى الإصدار القادم. لكنك لو كنت تريد شراء الجهاز لكتابة رسائل البريد الإلكتروني القصيرة وما شابه، وخاصةً إن كنت كثير السفر، فهذا الجهاز قد يكون مثاليًا لك.
- المواصفات: معالج الجهاز المتوسط، والـ 4 غيغابايت من الذاكرة العشوائية هي مواصفات أكثر من كافية للنسخة العاملة بنظام أندرويد. لكني لو أردت شراء الجهاز فسوف أشتري نسخة ويندوز (نعم لا تتفاجأ). السبب هو أنه لدي حاسب لوحي بنظام أندرويد، ولدي حاسب كروم بوك، وحاسب ماك بوك برو. وأعتقد أن جهازًا خفيفًا وسهل الحمل والنقل بنظام ويندوز، يقدم لي تجربة ويندوز 10 الكاملة سيكون فكرةً رائعة. لكني أشك بأن المواصفات الحالية كافية لويندوز 10 وأتمنى أن تقوم الشركة بإصدار نسخة ذات مواصفات أقوى العام القادم حتى لو كانت بسعر أعلى.
الخلاصة
حاسب Lenovo Yoga Book هو ليس (الحاسب الأوحد) بعد. ولا أعتقد أن حتى لينوفو نفسها خططت له أن يكون كذلك لأنها وضعت فيه مواصفات حاسب لوحي وليس حاسب محمول. لكن بتحسين المواصفات ولوحة المفاتيح في السنة أو السنتين القادمتين، أعتقد أن الشركة ستواصل الاقتراب نحو إنتاج شيء أكثر تكاملًا وإبداعًا.
المصدر: مراجعة حاسب Lenovo Yoga Book: هذا هو جهاز أحلامي، لكني سأنتظر الجيل الثاني منه
أحدث التعليقات