الذكاء = اصطناعي (2): أفضلية جوجل غير العادلة في عصر “إنترنت الأشياء”

غير مصنف التعليقات على الذكاء = اصطناعي (2): أفضلية جوجل غير العادلة في عصر “إنترنت الأشياء” مغلقة

الذكاء = إصطناعي، هي سلسلة من المقالات التي أقوم من خلالها بكتابة بعض التحليلات والآراء المتعلقة بالنقلة الكبيرة التي نشهدها اليوم نحو تقنيات الذكاء الاصطناعي Artificial Intellegence. لا تمتلك هذه المقالات ترتيبًا معينًا، وهي ليست سلسلة لشرح مبادئ هذه التقنية (لكن قد نتطرق إلى هذا بشكل مختصر لاحقًا). هذه المقالات هدفها رصد هذا التحوّل الذي لم يلحظ البعض أهميته حتى الآن، ومتابعة تطوّراته على الساحة التقنية سواء من خلال جوجل أو غيرها من الشركات. يمكنك قراءة المقال الاول في هذه السلسلة بعنوان: ما الذي يعنيه إعلان جوجل بأنها أصبحت شركة AI-First؟

الأفضلية التنافسية غير العادلة Unfair Competitive Advantage هو مصطلح يُشير في عالم الأعمال إلى شركة تمتلك ميزة تنافسية بالغة الأهمية، تجعل من شبه المستحيل على المنافسين اللحاق بها ما يتيح للشركة المذكورة فرض سيطرة شبه مطلقة على السوق.

تخيّل مثلًا شركة ابتكرت مُنتجًا لم يكن موجودًا من قبل، وحقق هذا المنتج نجاحًا كبيرًا وكانت الشركة المُنتجة هي الوحيدة التي تقوم بإنتاجه. في الفترة التي ستبدأ بقية الشركات بتقليد الفكرة لمنافستها، ستكون الشركة صاحبة الفكرة الأصلية قد سيطرت على 90% من السوق بالفعل. فكرة هذا المنتج وطرحه من قِبَل شركة واحدة فقط يُعطي هذه الشركة ما يُعرف بالأفضلية غير العادلة.

أو تخيل مثلًا أن تتمكن شركة ما من تصنيع منتج موجود مسبقًا لكنها تمكنت بشكلٍ من الأشكال من تصنيعه وبيعه بتكلفة منخفضة جدًا مقارنةً بالمنافسين وبنفس الجودة أو أفضل. هذه الخلطة السرّية التي مكّنت الشركة من عمل ذلك يمكن وصفها بالأفضلية غير العادلة لأنها تجعل ظهور منافسٍ لها أمرًا شبه مستحيل.

بالتأكيد لا يوجد شيء (غير عادل) في الموضوع طالما لم تلجأ الشركة في مثالنا إلى أساليب غير أخلاقية في تحقيق هدفها، لكن يتم استخدام هذا المصطلح للإشارة إلى امتلاك الشركة لميزة تنافسية كبيرة وغير تقليدية ما يجعلها خارج إطار المنافسة بالفعل.

أفضلية جوجل (غير العادلة)

في مؤتمرها الأخير كشفت جوجل عن مُكبر الصوت Google Home Max الذي وعدا عن امتلاكه لمُساعد جوجل بشكل مُدمج، يمتلك أيضًا ميزات ذكية مثل تعديل قوة ونبرة الصوت بحسب مكان توضعه في الغرفة، وبحسب الضجيج المُحيط، وبحسب نوع المادة التي يتم الاستماع إليها (موسيقى، إذاعة، .. الخ). كما كشفت عن سماعات Pixel Buds التي تستطيع ترجمة الحوار بشكل فوري بين لغتين مختلفتين بسرعة عالية ودقة مُدهشة يتم تحسينها باستمرار.

إضافةً إلى ذلك فقد أعلنت عن توفير مساعدها الذكي ضمن العشرات من الأجهزة المنزلية من الغسالات والثلاجات، إلى أجهزة التكييف وأفران المايكرويف.

لكن دعنا نعود حاليًا إلى مثال مُكبّر الصوت كي نتوسع فيه. ضمن مُكبرات الصوت من سلسلة Google Home يمكنك الاستماع إلى الموسيقا عبر خدمة Google Music وهي ليست خدمة تقليدية للموسيقى على الإطلاق. يمكنك مثلا أن تأمر مُكبر الصوت وتقول: OK Google, play some music دون أن تحدد ما الذي تريد سماعه. ما سيحدث هو أن جوجل ومن خلال ما تعرفه عنك، ومن خلال عادات استماعك إلى الموسيقى، ومن خلال خوارزمية ذكاء اصطناعي تتحسن باستمرار تقوم بمزج عوامل عديدة مثل الوقت (صباح، مساء، ليل، .. الخ) والحركة (هل أنت مُسترخٍ في المنزل، تمشي في الشارع، تقود السيارة؟)، وحتى الطقس في الخارج كي تتنبأ بما الذي ترغب بسماعه في هذه اللحظة وتقوم بتشغيله. النتائج مُبهرة بالفعل بحسب تجربتي اليومية للخدمة.

هذا المثال سيتوسع ليشمل أجهزة ذات خصائص ذكية في عصر إنترنت الأشياء Internet of Things كأجهزة المنزل والسيارات وحتى الملابس وأقفال الأبواب.

ما يبدو للبعض حاليًا وكأنه تكنولوجيا (تجريبية) أو تكنولوجيا (جميلة لكنها لن تغيّر حياتنا) ستتطور خلال السنوات القادمة حتى تُغير حياتنا بالفعل. وحتى تُصبح ميزة متوقعة افتراضيًا يبحث الزبون في أي جهاز يشتريه.

الآن تخيل معي هذا السيناريو: بعد خمس سنوات من الآن ستحتاج إلى شراء مُكبر صوت قوي للمنزل أو سماعات للرأس. ستتوجه تلقائيًا للشراء من علامتك التجارية المفضلة لتكتشف أنها ما زالت تصنع أجهزة صوتية (غبية). ممتازة لكن غبية! قد يكون من المقبول شراء مكبر صوت من Bose غير متصل بالإنترنت في 2017 وبدون ميزات تعتمد على الذكاء الاصطناعي. لكن في العام 2022 سيبدو هذا كمن يشتري تلفزيونًا بالأبيض والأسود بعد ظهور التلفزيونات الملونة، أو من اشترى كاميرا ذات فيلم تقليدي بعد خمس سنوات من ظهور الكاميرات الرقمية.

هذا يعني شيئًا واحدًا: نحن مقبلون على عصر لن يعود فيه للمُنتجات معنىً إن لم تأتِ مدعومةً بميزات الذكاء الاصطناعي بشكلٍ يجعل استخدامها أسهل وأكثر فاعلية. إن مُكبر الصوت الذي ستحتاج إلى اختيار الأغاني وبثها إليه من الهاتف بدل أن تطلب منه تشغيلها مباشرةً عبر أمرٍ صوتي هو جهاز غبي في العام 2022. نفس الأمر ينطبق على التلفاز العاجز عن تشغيل برنامجك المفضل بمجرد أن تطلب منه هذا، أو جهاز التكييف الذي لا يستطيع تعديل الجو تلقائيًا بحسب درجة الحرارة الفعلية في الخارج أو بحسب تواجد الأشخاص في الغرفة أو نمط تواجدهم أو خروجهم من المنزل، وهو أمر سيستطيع تعلمه وتطويره تلقائيًا.

هذا يؤدي بدوره إلى أن الشركات العاجزة عن مواكبة هذا التطوّر قد تصبح خارج السوق، وشركات التكنولوجيا العملاقة، مثل جوجل ومايكروسوفت وآمازون وفيسبوك قد تجد الفرصة كي تستغل هذا الفراغ لصناعة منتجات لم تُعرَف تقليديًا بصناعتها، لأن الشركات الأخرى تعجز ببساطة عن تقديمها للزبون.

وهنا تأتي أفضلية جوجل “غير العادلة” وهي في الذكاء الاصطناعي، وهو مجال كبير ومقعد جدًا ويحتاج إلى سنوات طويلة من الخبرة والتطوير، وإلى توظيف جيش من العلماء والخبراء باختصاصات تبدأ من الرياضيات ولا تنتهي بعلوم الحاسوب.

هذا يعني أن الموضوع بعيد المنال عن الشركات التي تنتج تجهيزات المنزل والأجهزة الإلكترونية الأخرى. لهذا سيكون على تلك الشركات شراء هذه التكنولوجيا من شركات مثل جوجل وآمازون (وهذا بدأ يحدث بالفعل)، هذا إذا أرادت تلك الشركات (التقليدية) البقاء في السوق.

لكن أفضلية جوجل غير العادلة تأتي من خلال تفوقها الكبير بمجال الذكاء الاصطناعي حتى على الشركات القليلة التي تستثمر في هذا المجال مثل آمازون وآبل ومايكروسوفت وآي بي إم. لأن هذا المجال لا يعتمد على الخبرات البشرية وتوفر الأموال والأبحاث فقط، بل هو يحتاج بشدّة إلى بيانات يعتمد عليها. فأي نظام للذكاء الصناعي يحتاج إلى أرضية يرتكز عليها وهي البيانات والمعلومات.

أفضلية جوجل تأتي بأنها أكبر شركة في التاريخ تتقن فهرسة وتحليل المعلومات. جوجل تمتلك الويب نفسها بشكلٍ أو بآخر. وإن كان هذا لا يكفي فإن الشركة لديها حوالي ملياري مُستخدم فعّال لنظام أندرويد ما يُساعدها في جمع معلومات هائلة حول كيفية استخدامنا لأجهزتنا وكيفية تعاملنا معها وربط هذه المعلومات ومقاطعتها بعضها ببعض ثم إدخالها ضمن برمجيات الذكاء الاصطناعي للتوصل إلى نتائج مفيدة تساعدها في تحسين مختلف المنتجات.

لهذا السبب يستطيع مُساعد جوجل Google Assistant التقاط صوتك وفهمه في شارع مليء بالضجيج حتى لو تحدثت بإنكليزية ركيكة وأخطأت في نطق بعض الكلمات، في حين لا تستطيع Siri ذلك. ولهذا السبب يستطيع محرك جوجل للبحث إعطاءك الجواب الصحيح والمناسب لك بالضبط، ولو بحث شخص غيرك عن نفس العبارة فقد يحصل على نتائج بحث مختلفة مناسبة له. لأن جوجل تعرف عنك من المعلومات ما لا تعرفه محركات البحث الأخرى لأنها لا تمتلك هذه المعلومات. في حين تُراكم جوجل المعلومات عنك منذ أول يوم بدأت فيه باستخدام مُحرك بحثها، أو تطبيقاتها وخدماتها المختلفة حتى لو كان ذلك على أجهزة ويندوز أو iOS.

الريادة في السنوات القادمة ستكون لمن يمتلك مفاتيح الذكاء الاصطناعي. والذكاء الاصطناعي هو ليس عبارة عن هاتف ذكي تستطيع شركة صينية تقليده، بل هو منظومة تقنية متكاملة تجمع بين الخبرة الطويلة، وتوفّر كمية هائلة من البيانات والمعلومات، والكمبيوترات الخارقة، والمتخصصين العباقرة.

يمكننا أن نناقش طويلًا وفي موضوع منفصل ماهي تبعات أن تمتلك شركات معدودة على أصابع اليد مفاتيح هذه التقنية. لكن بالتأكيد فإن جوجل وخلال المستقبل المنظور ستبقى الرائدة في هذا المجال لامتلاكها الأفضلية التي قد يصفها البعض بغير العادلة.

المصدر: الذكاء = اصطناعي (2): أفضلية جوجل غير العادلة في عصر “إنترنت الأشياء”

للاقتراب أكثر من حديث البشر: جوجل تطلق تقنية WaveNet ضمن مساعدها الذكيّ Google Assistant

أخبار أندرويد التعليقات على للاقتراب أكثر من حديث البشر: جوجل تطلق تقنية WaveNet ضمن مساعدها الذكيّ Google Assistant مغلقة

على الرّغم من التطور الكبير الذي حصل بمجال المساعدات الرقمية الذكية، فإن مشكلةً واحدة لا تزال حاضرة منذ إطلاقها وحتى الآن: أنها “رقمية”! وهنا أعني أن طريقة إجابتها على أسئلة واستعلامات المستخدمين توحي بشكلٍ فوريّ أنها أمرٌ “اصطناعيّ”. عندما قامت جوجل بإطلاق مساعدها الذكيّ Google Assistant، تم العمل على تطويره بحيث يتمكن من فهم سياق الحديث، وعلى الرّغم من تفوقه بهذا المجال، إلا أن الصوت البشريّ الذي يجيب على استعلامات المستخدمين لا يزال يمتلك طابعًا “روبوتيًا”.

لهذا السبب، ومن أجل توفير تجربة استخدام أقرب للمحادثة البشرية الطبيعية، تم تضمين تقنية WaveNet ضمن المساعد الذكيّ Google Assistant والتي من شأنها المساعدة على توليد صوت وحديثٍ يمتلك مواصفاتٍ وخصائص قريبة جدًا من الحديث البشريّ الطبيعيّ، وذلك بدلًا من آليات تحويل النص إلى حديث TTS: Text-to-Speach التقليدية ذات الأداء المنخفض بهذا الخصوص.

لتوضيح أهمية تقنية WaveNet يجب التطرّق قليلًا لمفهوم تحويل النص إلى حديث أو اصطناع الحديث Speech Synthesis، وهي عبارة عن برمجيات وظيفتها توليد حديث اعتمادًا على نصوصٍ مدخلة إليه. أشهر الطرق التقليدية هي Concatenative TTS والتي تعتمد على عددٍ كبيرٍ من التسجيلات الصوتية المأخوذة من نفس الشخص، حيث يتم توليد الألفاظ الجديدة من هذه التسجيلات، ودائمًا ما يعاب على هذه التقنية بالأداء غير الطبيعيّ أو أنه غير واضح أو مفهوم. يتم أيضًا استخدام طريقة أخرى هي Parametric TTS التي تأخذ بعين الاعتبار القواعد اللغوية وحركات الفم من أجل توليد الألفاظ والحديث.

بالنسبة لتقنية WaveNet، فهي توّفر طريقًا مختلفًا وبشكلٍ كليّ لتوليد الألفاظ، حيث وبدلًا من الاعتماد على قاعدة بيانات ضخمة يتم اقتطاع الأصوات وتركيبها منها، يتم العمل على بناء الجمل والألفاظ من الصفر ولكن عبر نموذجٍ ذكيّ مبنيّ على الشبكات العصبونية قادر على توليد عيناتٍ صوتية بشكلٍ كبير يصل عددها حتى 16000 عينة بالثانية، وذلك بعد أن تم تدريب النموذج ليكون قادرًا على فهم بنية وتركيب الصوت والحديث البشريّ مع الأخذ بعين الاعتبار بعض الخواص المتقدمة كنبرة الصوت أو حركة الشفاه. التسجيلات الصوتية التالية تظهر الصوت الذي تم توليده للمساعد الذكيّ قبل استخدام تقنية WaveNet وبعدها:

قبل:

Hol_before

بعد:


تقول جوجل أن النموذج الأوليّ من تقنية WaveNet وفر أداءًا ممتازًا ولكن كان من الصعب تضمينه ببرنامج ذو انتشارٍ تجاريّ واسع مثل Google Assistant، ولذلك تم العمل على تحسينه من حيث سرعته وقدرته على توليد الكلمات والألفاظ الصوتية، ليصبح اليوم أسرع بـ 1000 مرة من النموذج الأصليّ الذي تم إطلاقه قبل عام، حيث سيحتاج الآن إلى زمنٍ قدره 50 ميللي ثانية لتوليد حديثٍ مدته ثانية واحدة. من ناحيةٍ أخرى، تقول جوجل أن التقنية توّفر حاليًا صوتًا ذو أداءٍ قريبٍ جدًا من الصوت الطبيعيّ، مع تسجيل نتيجةٍ قدرها 4.347 على مقياسٍ من 1 إلى 5.

من المفترض أن جوجل قد بدأت بطرح تحديثٍ لكل المستخدمين الذين يمتلكون المساعد الذكيّ Google Assistant والذي من شأنه تضمين تقنية WaveNet داخلها، وما يعني الحصول على صوتٍ واستجابة طبيعية أكثر.

المصدر

المصدر: للاقتراب أكثر من حديث البشر: جوجل تطلق تقنية WaveNet ضمن مساعدها الذكيّ Google Assistant

الذكاء = إصطناعي (1): ما الذي يعنيه إعلان جوجل بأنها أصبحت شركة  AI-First؟

غير مصنف التعليقات على الذكاء = إصطناعي (1): ما الذي يعنيه إعلان جوجل بأنها أصبحت شركة  AI-First؟ مغلقة

الذكاء = إصطناعي، هي سلسلة من المقالات التي سأقوم من خلالها بكتابة بعض التحليلات والآراء المتعلقة بالنقلة الكبيرة التي نشهدها اليوم نحو تقنيات الذكاء الاصطناعي Artificial Intellegence. لا تمتلك هذه المقالات ترتيبًا معينًا، وهي ليست سلسلة لشرح مبادئ هذه التقنية (لكن قد نتطرق إلى هذا بشكل مختصر لاحقًا). هذه المقالات هدفها رصد هذا التحوّل الذي لم يلحظ البعض أهميته حتى الآن، ومتابعة تطوّراته على الساحة التقنية سواء من خلال جوجل أو غيرها من الشركات.

بالنسبة لاسم السلسلة الغريب، فلم أجد أفضل منه. لهذا من الأفضل أن نعتاد عليه!

الذكاء = إصطناعي

في مؤتمر جوجل للمطوّرين I/O 2017 الذي انعقد في أيار/مايو الماضي، قال “سوندار بيتشاي” المدير التنفيذي للشركة بأن جوجل قد أصبحت شركة “AI-First”، وهو نفس المُصطلح الذي كرره مرة أخرى قبل أيام قليلة في المؤتمر الذي تم الكشف فيه عن هاتفي Pixel 2 ومجموعة من الأجهزة الأخرى.

لكن ما الذي يعنيه هذا بالضبط؟ وكيف سيُغير هذا من مُستقبل الشركة؟

AI-First؟

هل جوجل هو محرك بحث؟ شركة برمجيات؟ شركة تُنتج أنظمة التشغيل؟ شركة تصنع الهواتف المحمولة؟ أم ماذا بالضبط؟

في الحقيقة جوجل هي كل ذلك معًا، لكنها في ذات الوقت هي أكثر من ذلك بكثير، حيث يُعتبر جمع البيانات، الربط بينها، تحليلها، واستخراج نتائج مفيدة منها لتطويرها بشكل ذكي ومستمر هو ما ساعدها على التفوق وميزها عن المنافسين.

قبل سنوات وعندما أصبح من الواضح أن المُستقبل هو للأجهزة المحمولة، وعندما تجاوزت نسبة تصفح الإنترنت عبر الهواتف الذكية مثيلتها على أجهزة الكمبيوتر الشخصي، أعلنت جوجل أنها أصبحت شركة  Mobile-First، وهو يعني أن جميع خدماتها ومنتجاتها أصبحت تُدرَس ويتم تطويرها لتقديم أفضل تجربة ممكنة على الهواتف المحمولة. وعند تفكير الشركة بطرح مُنتج جديد فإن طرحه يبدأ على الهاتف أولًا قبل أن يتم طرح نسخه منه على سطح المكتب، أو دون أن يتم حتى طرحه على سطح المكتب أساسًا.

لكن كان من الواضح في ذات الوقت تركيز الشركة الكبير على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence، ومع التطور المتسارع للتقنية لم تعد الهواتف الذكية وحدها في المشهد، بل ظهرت لنا أجهزة (إنترنت الأشياء) Internet of Things وبدأنا نرى أجهزة متنوعة مُتّصلة كأجهزة التلفاز، السيارات، المصابيح، الغسالات، وتقريبًا كل جهاز آخر يمكن أن تتخيله.

تراجُع أهمية التطوّر العتادي

انتهى الزمن الذي كانت المنافسة فيه تدور حول من يستطيع صنع عتاد أكثر تقدمًا، حتى أن (المعارك) القديمة حول (من الأفضل: أندرويد أو iOS) لم تعد ذات قيمة فعلية حيث أن 80% من المستخدمين يستخدمون أنظمة التشغيل هذه كمنصات أو وسائل لتشغيل فيسبوك وواتساب وإنستاغرام وبريد جيميل وخرائط جوجل، وهناك من يستخدم شيئًا يُدعى Snapchat ما زلت لا أفهم ما الغرض منه بالضبط. لكن على أية حال الفكرة الرئيسية أن غالبية المستخدمين لا يهتمون فعلًا للفروقات الفعلية بين أنظمة التشغيل بحد ذاتها.

ومن الناحية العتادية فقد تقلصت الفوارق بين الأجهزة المختلفة بشكل كبير. الفارق بين الهواتف متوسطة المواصفات وأجهزة الفئة العُليا أصبح أقل مما مضى بكثير. حيّز المنافسة على تطور المواصفات العتادية ما بين أجهزة الفئة العليا أصبح صغيرًا جدًا.

بشكلٍ من الأشكال قل الاهتمام بالبحث عن أقوى المواصفات العتادية في الهواتف الذكية. على سبيل المثال يمكنني أن أتخيل بسهولة أن أتخلى عن هاتف Google Pixel لاستخدام هاتف متوسط من لينوفو دون أن أُلاحظ أي فارق (مُزعج) أو أي تغيير كبير. لقد أصبحنا نتحدث غالبًا عن الفارق بين 3 أو 4 غيغابايت من الذاكرة العشوائية، أو الفارق بين شاشة بدقة Full HD أو QHD.

شركات الهواتف أدركت بالطبع أن السوق قد وصل إلى مرحلة الإشباع، وبأن المنافسة لم تعد حول من يصنع الهاتف (الأقوى)، بس من يصنع الهاتف الأكثر فائدة، والأكثر تكاملًا من حيث العتاد والبرمجيات والخدمات الأخرى المُحيطة بها.

الذكاء الاصطناعي داخل الأجهزة، أهم من الأجهزة نفسها

لم يكن من الغريب في مؤتمر جوجل الأخير أنها أجلت الإعلان عن هاتفي Pixel 2 و Pixel 2 XL حتى نهاية المؤتمر رغم أن الكل كان يعتقد أنهما هدف المؤتمر وموضوعه الرئيسي. لكن اتضح أن الموضوع الرئيسي هو الذكاء الاصطناعي حيث بدأت الشركة بالكشف عن منتجاتها الذكية الأخرى من مكبرات صوت  Google Home وسماعات Pixel Buds وغيرها من المنتجات التي تدعم مُساعد جوجل الذكي Google Assistant.

ما لفت نظري هو مُكبر الصوت Google Home Max، دعك من الخاصية المتوقعة وهي امتلاكه لمساعد جوجل بشكل مُدمج في داخله. ما كان مُلفتًا هو تضمينه ببعض الميزات الذكية الأخرى مثل قيامه بتعديل طريقة صدور الصوت وتعديل درجة ارتفاعه بحسب نوعية المحتوى الذي يستمع له المستخدم (برنامج إذاعي، موسيقى، مكالمة هاتفية، .. الخ)، كما يستطيع مكبر الصوت رفع وتخفيض الصوت تلقائيًا بحسب درجة الضجيج في المنزل، أو بحسب مكان تموضعه داخل الغرفة. مثل هذه الميزات، وجميعها تعتمد على الذكاء الاصطناعي تشير بأن الكلمة الأولى ستكون للشركات التي تمتلك الخبرة اللازمة لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي ودمجها في الأجهزة المختلفة.

أيضًا لا يمكن أن ننسى سماعات Pixel Buds التي تستطيع ترجمة الحوار بشكل فوري بين لغتين مختلفتين بسرعة عالية ودقة مُدهشة يتم تحسينها باستمرار.

بالمُختصر، يمكن القول أنه وفي الفترة القادمة فإن جودة وفائدة الأجهزة ستُقاس بالميزات الذكية التي تقدمها، وليس بمواصفاتها العتادية، ونحن هنا لا نتحدث عن الهواتف، بل عن السماعات والغسالات والبرادات ومكبرات الصوت وكاميرات المراقبة وغيرها.

شركة تضع الذكاء الاصطناعي أولًا AI-First كمُنطلق لها فيما تقدمه من برمجيات وأجهزة، هي شركة تُدرك ما تفعله جيدًا. وإن عجز الشركات المُصنّعة للأجهزة الإلكترونية المختلفة عن تبنّي هذا المفهوم في ما تصنعه قد يعني إما خروجها من السوق في المُستقبل، أو تبنّيها للتقنيات التي تقدمها شركات الذكاء الاصطناعي الأخرى (جوجل، آمازون، … الخ) ودمجها في أجهزتها وهو ما بدأ يحدث بالفعل.

المصدر: الذكاء = إصطناعي (1): ما الذي يعنيه إعلان جوجل بأنها أصبحت شركة  AI-First؟

ماهي روبوتات الدردشة Chatbots؟ وما سر انتشارها الآن في جميع تطبيقات الدردشة؟

أخبار أندرويد التعليقات على ماهي روبوتات الدردشة Chatbots؟ وما سر انتشارها الآن في جميع تطبيقات الدردشة؟ مغلقة

يعتقد الجميع بأن العام 2016 هو عام تقنيات الواقع الافتراضي، وهذا صحيح. لكن هناك موجة جديدة في عالم التقنية بدأت بالانتشار سريعًا خلال الشهور القليلة الماضية وهي موجة الـ Chatbots أو روبوتات الدردشة.

لماذا بدأت معظم الشركات الكبرى بدعم روبوتات الدردشة في تطبيقاتها، مثل فيس بوك وجوجل وتيليغرام وكيك وسكايب وغيرها؟ ما هي روبوتات الدردشة أساسًا وما فائدتها؟

روبوتات الدردشة Chatbots

كلمة Chatbot هي اختصار لـ Chat + Robot، وهو مصطلح ظهر في التسعينيات من القرن الماضي كي يشير إلى برامج الكمبيوتر المصممة لإجراء المحادثات مع البشر، بشكل يحاكي الدردشة بين شخصين.

روبوتات الدردشة ليست بالأمر الجديد، حيث ظهرت قبل سنوات طويلة على الإنترنت كما دعمتها بعض تطبيقات المحادثة القديمة، لكنها كانت غير ذات فائدة تقريبًا إذ كانت مجرد تجارب بإمكانيات محدودة جدًا.

الجديد ونحن في 2016 بأن تقنيات الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence وتعلّم الآلة Machine Learning قد تطوّرت جدًا، إضافة إلى تقنيات معالجة اللغة الطبيعية NLP، وأصبحت برامج الكمبيوتر أكثر قدرة على فهم ما يكتبه الإنسان، وعلى تقديم المساعدة له.

كيف تعمل روبوتات الدردشة وما الذي تستطيع فعله؟

روبوتات الدردشة هي عبارة عن تطبيقات مُصغّرة يمكن إضافتها إلى تطبيقات المحادثة، بحيث يؤدي كل تطبيق مُصغّر (روبوت) مهمة محددة خاصة به، ومن المفترض أن يقوم المستخدم باستخدام الروبوتات التي يحتاجها وفقًا للشيء الذي يرغب بتنفيذه.

على سبيل المثال روبوت الدردشة قد يكون بسيطًا، كأن تسأله عن حالة الطقس خلال الأسبوع القادم، أو عن نتيجة مباراة فريقك المفضل، أو تطلب منه عرض مقطع فيديو معين من يوتيوب أو البحث عن وجه تعبيري (إيموجي) معين، كل ذلك من خلال الدردشة النصية وكأنك تتحدث مع شخص آخر وبلغة طبيعية مكتوبة.

Chatbots

لكن ليس هذا هو الهدف الوحيد من روبوتات الدردشة، حيث يمكن لها أن تكون أكثر تطورًا، حيث استعرضت فيس بوك في نيسان/أبريل الماضي لدى إعلانها عن منصة مسنجر Messenger Platform كيف يمكن أن تتحدث من خلال فيس بوك مسنجر مع روبوت دردشة وتطلب منه أشياء مثل إرسال باقة زهور، وذلك من خلال الكتابة بلغة طبيعية على غرار: “أرسل باقة زهور لوالدتي بمناسبة عيد الأم”. وقد ذكرت فيس بوك بأن أكثر من 10 آلاف مطوّر يعملون بالفعل على تطوير روبوتات دردشة لتطبيقها.

Chatbots

لماذا اهتمت الشركات الكبرى (فجأة) بروبوتات الدردشة؟

لعدة أسباب، الأول هو كما ذكرنا أعلاه تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي التي باتت قادرة على فهم المستخدم بشكل أكبر وتقديم المساعدة له، وثانيًا لأننا بدأنا نتحوّل شيئًا فشيء من عصر طلب المساعدة عبر الويب أو عبر تطبيقات الهاتف الذكي، إلى عصر المُساعد الشخصي Personal Assistant الذي يفهم ما تريده منه بالضبط، ويقدم لك المساعدة بشكل فوري، وهذا مكانٌ بدأت تجد الشركات فيه مصدرًا للربح أيضًا حيث سنتمكن جميعًا خلال فترة قريبة من طلب الطعام وسيارات الأجرة والتسوّق من خلال الدردشة.

بمعنى آخر، لو كنت جائعًا وتريد طلب بعض الطعام، لماذا تفتح تطبيقًا خاصًا بذلك وتبحث في القوائم بحثًا عن الوجبة المناسبة، في الوقت الذي تستطيع فيه كتابة جملة واحدة لروبوت طلب الطعام مثل: “أطلب لي الدجاج بالأرز وأرسله إلى منزلي”، وبمجرد الضغط على Enter سيتم المطلوب دون بذل أي جهد آخر. هذه هو المستقبل الذي تسعى الشركات للوصول إليه.

انتهاء عصر التطبيقات، والمستقبل أقرب مما تتصور

قد تعتقد بأن الكلام أعلاه يحمل شيئًا من المبالغة، فهل يُعقل أن الشركات بدأت تتحضر لمُستقبل ينتهي فيه عصر التطبيقات التقليدية، ونتحوّل فيه إلى الاعتماد على الروبوتات البرمجية للحصول على ما نريد؟

في الحقيقة أشارت عدة دراسات، من بينها دراسة من شركة eMarketer بأن المستخدمين يقضون أوقاتًا طويلة ضمن تطبيقات الدردشة في الوقت الذي يتراجع فيه اهتمام المستخدمين بتثبيت التطبيقات الأخرى على هواتفهم. وقد أشارت نفس الدراسة بأن أكثر من 1.4 مليار شخص استخدم تطبيقات الدردشة العام الماضي، في حين أن ثلثي مستخدمي الهواتف الذكية في الولايات المتحدة لم يقوموا بتنزيل أية تطبيقات على هواتفهم.

هذا لا يعني بأن التطبيقات ستصبح غير ذات فائدة كليًا وسنتحول إلى الروبوتات خلال عام أو عامين، لكن هذا ما يتجه إليه المُستقبل تدريجيًا على أية حال.

أندرويد للعرب © 2024 WP Theme & Icons by N.Design Studio | تعريب قياسي
التدويناتRSS | التعليقاتRSS | تسجيل الدخول