X

مراجعة Google Duo: التطبيق الذي سيُغيّر مفهومنا لمكالمات الفيديو

عندما كنت طفلًا، كنت في إحدى المرات أشاهد مسلسل كارتون تدور أحداثه في المستقبل. وفي إحدى اللقطات جاء اتصال هاتفي لبطل المسلسل (على هاتف أرضي تقليدي لكنه مزود بشاشة!)، وبمجرد رفع السمّاعة ظهرت صورة المُتَّصِل على الشاشة في لقطة أبهرتني! وبِتُّ أُفكر بهذه التقنية الرائعة التي تتيح لك مشاهدة الشخص الذي تُحدثه على الهاتف، واعتقدت آسفًا بأن مثل هذه التقنية لن تصبح حقيقية إلا بعد موتي بسنوات طويلة.

بالطبع، نعتذر من (جيل الآيباد) الذي كبر ليجد الكاميرا الأمامية شيئًا بديهيًا في كل هاتف وحاسب لوحي، لكن جيل الثمانينات وما قبل يفهم قصدي جيدًا.

لماذا أحكي هذه القصة في المقدمة وما علاقتها بمراجعة تطبيق Google Duo؟ هذا التطبيق الذي طرحته جوجل قبل أيام قليلة قدم ميزة (دردشة الفيديو) في وقت توجد فيه عشرات التطبيقات التي تقدم هذه الميزة ومنذ سنوات طويلة أيضًا، لهذا قد تسألني لماذا أتجاهل كل ذلك وأبدو (مُتفاجئًا) بما قدمته جوجل لدرجة استحضار قصة من الماضي تتحدث عن مسلسلات الخيال العلمي؟ سوف أجيبك حالًا.

عندما بدأت الشركات بطرح ميزة مكالمات الفيديو، على الكمبيوتر وثم على الهاتف، كانت الميزة رغم روعتها التقنية مخيبة للأمل نوعًا ما لسبب بسيط، وهي أنها لا تعمل كما تتوقعها، بمعنى أنها ليست بالشكل التالي: جاءك اتصال –> أجبت الاتصال –> ظهرت الصورة! أي أن ما شاهدته في مسلسلات وأفلام الخيال العلمي في الثمانينيات لم يتحقق كما أتخيله.

حاليًا لإجراء اتصال الفيديو عبر التطبيقات المتوفرة ما قبل Google Duo سيكون هناك عدد من الخطوات، مثل إنشاء الحساب وتسجيل الدخول، إضافة الطرف الآخر إلى قائمة الأصدقاء، وأخيرًا المعاناة مع مشاكل الاتصال كأن يكون الإنترنت عندك أو عنده بطيئًا، أو أن يكون الشخص مُتحركًا في سيارة ويستخدم اتصال البيانات وما ينتج عن ذلك من اتصال سيء قد يقطع فجأةً هذا إن نجح الاتصال أساسًا.

لهذا ترى غالبًا أن اتصال الفيديو يحتاج إلى شيء من التخطيط للاتفاق مع الطرف الآخر على الوقت والوضع المناسب له كي تضمن نجاح الاتصال، ولهذا السبب بالذات ما زالت الناس تفضل الاتصال الصوتي، ولم يتحول اتصال الفيديو إلى بديل للصوت.

رحّبوا بـ Google Duo: هذا هو التطبيق الذي سيجعلك -للمرة الأولى- تُفضّل استخدام الفيديو على الصوت في مكالماتك.

ما هو Google Duo؟

هو باختصار تطبيق لمكالمات الفيديو، بسيط جدًا جدًا كما سنرى بعد قليل، لكنه يعمل بشكلٍ فعّال للغاية، ويؤدي المهمة المطلوبة منه بدون مشاكل. يعتمد Duo على رقم الهاتف لإجراء المكالمات، لا على حساب جوجل ولا أية حسابات أخرى وبدون أي كلمات مرور، بشكل مشابه لتطبيق واتس اب. كل ما تحتاجه هو وجود رقم الشخص الذي ترغب بالاتصال به مخزنًا في هاتفك.

تم تطوير التطبيق لتقديم أفضل جودة فيديو ممكنة، لدرجة أنه لن يكون عليك أن تُفكر إطلاقًا باحتمال وجود مشكلات في الاتصال قبل إجراء المكالمة، وسأتحدث عن تجربتي مع الجودة (التي أذهلتني) بعد قليل.

كيف يعمل Google Duo؟


التطبيق بسيط جدًا ولا يحتاج إلى شرح. لدى تشغيله ستحتاج إلى إدخال رقم هاتفك كي يصلك رمز التأكيد عبر رسالة SMS. بعد تفعيل التطبيق تنتقل إلى الواجهة الرئيسية وهي غاية في البساطة. واجهة التطبيق الرئيسية هي عبارة عن صورتك من الكاميرا الأمامية، وزر أزرق كبير لبدء مكالمة فيديو يؤدي الضغط عليه لفتح قائمة بجهات الاتصال للاختيار منها. وإلى جانب هذا الزر يوجد زران آخران هما عبارة عن اختصارات للاتصال السريع بآخر من قمت بمحادثتهم (أو من وردك مكالمة فائتة منهم) كي تتمكن من الاتصال بهم سريعًا دون الحاجة لفتح قائمة جهات الاتصال.

بالنسبة لقائمة الإعدادات فهي بسيطة أيضًا. هناك الإعدادات الأساسية مثل تفعيل الاهتزاز عند الرنين أو حظر الأرقام. لكن الميزة الأهم هنا هي ميزة Knock Knock أو التي تطلق عليها جوجل في النسخة العربية من التطبيق “ميزة المعاينة” وهي تتيح لك مشاهدة فيديو المتصل حتى قبل الرد على المكالمة. يمكنك تعطيل هذه الميزة إن أردت.


جودة الاتصال

نأتي الآن إلى النقطة الأهم في هذا الموضوع. كما نلاحظ، فقد صممت جوجل التطبيق كي يكون سهل الاستخدام للغاية، وكي تدفع الناس لاستخدامه عوضًا عن تطبيقات دردشة الفيديو الأخرى لكن هذا كله يمكن أن يصبح دون فائدة لو كانت جودة الاتصال سيئة.

من خلال التجربة يقدم التطبيق جودة اتصال رائعة جدًا وتعمل ضمن جميع الظروف. تقول جوجل بأن المكالمة لن تقطع والجودة لن تتغير لو انتقلت أثناء مكالمتك من شبكة واي فاي إلى شبكة الجوال، أو لو كنت على اتصال ضعيف. وقد تبيّن لي بأن هذا حقيقي بالفعل من خلال تجربتين.

التجربة الأولى: قمت باتصال من خلال Google Duo عبر شبكة واي فاي، ثم ذهبت إلى نقطة بعيدة عن مركز الشبكة (الراوتر) أعلم أن الاتصال يصبح فيها ضعيف جدًا. ما حدث أن المكالمة استمرّت وكأن شيئًا لم يحدث، كل ما هنالك أن جودة الفيديو انخفضت لكن لم يحدث أي تقطيع. قمت بعدها بتعطيل الواي فاي في الهاتف فاستمر التطبيق من خلال اتصال 4G دون حدوث أي تقطيع ودون انخفاض جودة الصوت.

التجربة الثانية: هذه التجربة أذهلتني بالفعل. قمت بإجراء مكالمة عبر Google Duo أثناء وجودي في المترو على عمق طابقين تحت الأرض تقريبًا. وكان لدي اتصال 3G بإشارة ضعيفة (نعم، يمكن أن تحصل على اتصال 3G أو حتى 4G في بعض المناطق ضمن مترو الأنفاق في ألمانيا). لكن الإشارة كانت ضعيفة جدًا، والمترو يتحرك بسرعة كبيرة، وبالتالي يتنقل الاتصال بسرعة بين أبراجٍ مختلفة بقوة إشارة مختلفة وغير مستقرة. النتيجة كانت استمرار الاتصال بشكل طبيعي، حتى أن جودة الفيديو لم تتغير كثيرًا. كل ما لاحظته هو تأخر بسيط في وصول الصوت ظهر أحيانًا أثناء المكالمة لكن لم يحدث تقطيع وفقدان للصوت وبقيت المكالمة سلسة بشكل عام. في الحقيقة لو لم تنجح المكالمة أو لو حدث تقطيع في الصوت أو الفيديو ضمن هذه الظروف لبدا هذا منطقيًا، لكن ما حدث كان مُفاجئًا بالفعل! لا أعتقد أنه يمكن أن تُفكر مجرد تفكير باستخدام سكايب في مكالمة فيديو بمثل هذه الظروف.

ما الذي ينقص التطبيق؟

مراجعتي للتطبيق قد تبدو إيجابية جدًا، وهي بالفعل كذلك نظرًا لكوننا نتحدث عن أول نسخة منه. لكن هذا لا يعني أنه لا يفتقر إلى عدد من الميزات التي نتوقع أن تدعم جوجل جزءًا منها على الأقل في الإصدارات القادمة. بعض الميزات الناقصة هي:

  • دعم المكالمات الصوتية. لحسن الحظ أكدت جوجل أن هذه الميزة قادمة. حاليًا يمكنك فقط تغيير صورة الفيديو بين الكاميرتين الأمامية والخلفية، لكن لا يمكنك تعطيل الصورة، أو الرد على المكالمة بشكل صوتي فقط.
  • المحادثات الجماعية: لا يدعم التطبيق ميزة المحادثات الجماعية حاليًا، ولا ندري إن كانت جوجل تعتزم دعمها لاحقًا أم أنها تفضل الحفاظ على بساطة التطبيق بدعم الاتصال بين طرفين فقط
  • يعمل على الهواتف فقط: لا يمكن استخدام التطبيق عبر جهاز الكمبيوتر، فقط عبر أندرويد وآيفون. هذا قد لا يكون أمرًا سيئًا من باب الحفاظ على بساطة التطبيق وجعله أقرب ما يمكن كي يكون بديلًا عن المكالمات الصوتية التقليدية. كما أن جميع محادثات الفيديو في التطبيق مشفرة بين طرفي المحادثة end-to-end-encryption وبالتالي لا يوجد مُخدّم وسيط يُنظم المكالمات. ولو أرادت جوجل دعم التطبيق على سطح المكتب فهذا يعني إما وجود مخدّم وسيط للمزامنة والاستغناء عن ميزة التشفير القوي والتقليل من أمن التطبيق أو اتباع أسلوب واتس اب في طرح تطبيقات لسطح المكتب لكنها تعتمد على الاتصال الدائم مع التطبيق على الهاتف.

الخلاصة

تطبيق Google Duo ما زال جديدًا، وقد لا يُعجب ربما من يبحث عن وفرة الميزات أو عن تطبيق متكامل لجميع أنواع الدردشة. لكن وجهة نظر جوجل هي تبسيط العملية وطرح Duo للفيديو والصوت، و Allo الذي لم يصدر بعد للدردشة النصية.

نقطة القوة في التطبيق والتي لن يفهمها من لم يجربها، هي في إلغاء كل التعقيدات الحالية المتعلقة بمكالمات الفيديو، وتحويل مكالمة الفيديو إلى شيء يشبه اتصال الصوت، أي إلى شيء قياسي يستخدمه الجميع بشكل يومي ودائم وبدون تفكير.

رغم وفرة خدمات دردشة الفيديو اليوم، لكنها جميعًا تنطوي على شيء من التعقيد أو النواقص، فهي إما بسيطة الاستخدام لكنها محصورة بمنصة واحدة (FaceTime)، أو تحتاج إلى تسجيل حساب وماله من توابع ومشاكل (Skype أو Google Hangouts)، أو أنها لا تقدم الجودة المناسبة إلا ضمن ظروف الاتصال المثالية. لهذا يأتي Google Duo لإلغاء كل هذه العوائق ويسعى لإقناعك باستخدام الفيديو بديلًا عن الصوت كشيء بديهي كما يجب أن يكون ونحن في 2016، وكما كنا نراه في أفلام الخيال العلمي القديمة.

المصدر: مراجعة Google Duo: التطبيق الذي سيُغيّر مفهومنا لمكالمات الفيديو

Leave a Comment