تُعتبر المراجعات التقنية أحد مصادر المعلومات الهامة جدًا بالنسبة للمستخدمين، حيث يستطيع المستخدم الحصول على فكرةٍ جيدة حول المنتج الذي يريد شرائه (سواء كان هاتف ذكي، حاسب لوحي، حاسوب شخصي…الخ). مع ذلك، ينبغي أن نطرح السؤال: هل يمكننا الوثوق بالمراجعات التقنية؟ وكيف يمكننا تحديد مدى وثوقية المراجعة نفسها؟
عبر هذا المقال، سأحاول عرض الطريقة التي ستُساعدكم في الاستفادة من المراجعات التقنية على أفضل نحوٍ مُمكن، سواء كانت مقالات أو فيديوهات.
ما هي المشاكل المُتعلقة بالمُراجعات؟
أولًا علينا أن نعرف أهم معلومة تتعلق بالمراجعات التقنية: من يقوم بالمُراجعة هو شخص مثل أي شخصٍ آخر، بمعنى أنه شخص له ميول ورغبات وذوق محدد، ما يجعل قراراته – مهما كانت حيادية – مُتأثرة بشكلٍ أو بآخر بميوله (بكل تأكيد، هذا الكلام ينطبق عليّ أيضًا). مثلًا، قد يجد المُراجع أن الحواف الحادة للهواتف أجمل من الحواف المُنحنية (أو بالعكس). قد يجد بعض المُراجعين أن شاشات AMOLED تعطي تجربة إظهار أفضل من شاشات LCD (أو بالعكس). قد يُفضّل بعض المراجعين الواجهات المُخصصة التي تقوم الشركات بوضعها على نسخ الأندرويد في هواتفها، بينما قد يُفضّل البعض الآخر نسخ الأندرويد الخام. قد يجد مراجع ما أن تصميم وشكل الهاتف هو أحد أهم المعايير، بينما يجد مُراجع آخر أن أداء الهاتف نفسه هو أهم ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار.
بناءً على النقطة الأولى، سأنتقل إلى النقطة الثانية: كيف يمكن أن تكون المراجعة “حيادية”؟ طالما أننا نتابع المُراجعات لمعرفة جودة المنتجات نفسها، ألا يتطلب تحديد جودة المُنتج نفسه أن يقوم المراجع بإعطاء رأيه وتقييمه؟ بالطبع، وأي مراجعة بدون تقييم أو رأي هي مراجعة بلا قيمة، لأن الهدف الأساسي منها هو تقييم المنتج نفسه، وليس عرض مواصفاته التي يمكن معرفتها بسهولة من الشركة الصانعة.
إذًا، أعود للسؤال: ما هي المراجعة الحيادية؟ ببساطة، هي التي تُسلّط الضوء على نقاط القُوة الفعلية التي يمتلكها المُنتج، وكذلك نقاط ضعفه الفعلية. عندما تشاهد أو تقرأ مراجعة ما وتم إغفال أحد نقاط قوة أو ضعف الهاتف (أو أي مُنتج تقني آخر)، عليك أن تعلم أن هنالك شيء ما غير صحيح، قد يكون المُراجع يكره الشركة المصنعة للهاتف، أو يميل للشركات المنافسة. بهذه الحالة، أنصح بعدم اعتماد المراجعة، كونه من الواضح أن هنالك انحياز ما، لصالح المنتج نفسه أو ضده.
أيضًا، عليكم تذكر أمر هام جدًا (جدًا جدًا): من يقوم بالمراجعة ليس شخص خبير، بل هو شخص مهووس بالتقنية، يهتم بالبحث عن الأمور الجذابة والجديدة والتركيز عليها، أكثر من التركيز على إعطاء تقييم شامل يغطي كافة جوانب أداء الهاتف (أو المنتج) نفسه. بالإضافة إلى ذلك، أستطيع الجزم وبدرجةٍ كبيرة من الثقة أنه لا يُوجد مراجعة تستطيع تغطية كل الجوانب المُتعلقة بمنتجٍ أو هاتفٍ ما. يوجد أشخاص على درجة اهتمام ومتابعة أكثر من غيرهم، وبالطبع يوجد مراجعات أفضل من غيرها بكثير من ناحية تغطية كافة الجوانب الخاصة بأداء الهاتف، ومع ذلك، غالبًا ما يتم نسيان نقطة معينة (بقصد أو بدون قصد).
كيف يُمكن الاستفادة من المُراجعات بأفضل شكلٍ مُمكن؟
بدايةً، يجب على المُستخدم ألا يكون مُجرّد مُتلقي للمعلومة. كما ذكرت سابقًا، في حال لاحظ المُستخدم أنه يوجد مُبالغة في المدح (أو النقد) عليه أن يعرف أن هنالك شيء ما غير صحيح، مثل إعجاب شخصي من المُراجع نفسه بالشركة المُنتجة، أو كرهه للمنافسين، أو بالعكس، كره للشركة المُنتجة وإعجابه بالمنافسين. يُجادل أيضًا العديد من الأشخاص أن المراجعين يتلقون الأموال من الشركات لتقديم مُراجعاتٍ إيجابية حول الهواتف وهو أمرٌ غير مُستبعد، ولكن من الصعب الحكم بصحته بشكلٍ دقيق. بكل الأحوال، المبالغة بالمدح أو النقد وتكرار عبارات الإعجاب (أو النقد) بشكلٍ كبير يُخفّض من مصداقية المُراجعة.
الشيء الثاني الذي يجب على المستخدم أن يقوم به هو عدم اعتماد مراجعة واحدة، وهذا هو أسوأ ما يمكن أن يقوم به أي مستخدم ينوي شراء مُنتجٍ جديد. أنصح دومًا بقراءة المُواصفات الأساسية كما ذكرتها الشركة الصانعة، ومن ثم مُشاهدة وقراءة عدة مُراجعات، وأخيرًا مُقاطعة المعلومات مع بعضها البعض: إن كان إجمالي المراجعات يعطي تقييمًا سلبيًا للمُنتج، فهذا يعني أنه غير مُناسب، والعكس صحيح. أيضًا، مُشاهدة وقراءة عدة مراجعات سيُسلط الضوء على أكبر كميةٍ مُمكنة من المعلومات المُتعلقة بالمنتج نفسه، فكما قلت سابقًا، من الصعب أن يكون هنالك مراجعة شاملة بدون نسيان أي نقطة.
الآن هنالك سؤالٌ هام: هل تصلح أي مراجعة للمشاهدة؟ هل يمكن قراءة أي مقال تقني كتب عليه “مُراجعة” ؟ هل يمكن مشاهدة أي فيديو على اليوتيوب كتب عليه “مراجعة هاتف كذا..” ؟ بالطبع لا. عليكم أن تقوموا بتكوين مصادر المعلومات الخاصة بكم، والتي لا تتم إلا عن طريق الخبرة، بمعنى أنه وبعد قراءة العديد من المقالات من العديد من المواقع، ومشاهدة العديد من الفيديوهات من العديد من القنوات على اليوتيوب، عليكم أن تُحددوا قائمة المصادر الأفضل بالنسبة لكم والتي ستتابعونها طوال الوقت. بالنسبة لكيفية تحديد هذه المصادر واعتمادها، أعتقد أن النصائح التي ذكرتها عبر هذه المقال جيدة جدًا لتحقيق هذا الهدف. بالطبع، يُمكن استخدام الأرقام لمعرفة أفضل المصادر: عندما يمتلك موقع ما نسبة عالية من المُتابعين على شبكات التواصل، فهذا يعني وبشكلٍ أكيد أنه يقدم مُحتوى جيد، وعندما تمتلك قناة ما على اليوتيوب عدد كبير من المشتركين فهذا يعني وبشكلٍ أكيد أنه يوجد محتوى جيد. مرة أخرى، متابعة المصادر اعتمادًا على معرفة عدد متابعيها لا يلغي الشك بالمعلومات المطروحة عبرها، ولا يلغي أن القائمين على المواقع أو قنوات اليوتيوب يمتلكون ميولًا تجاه تقنياتٍ أو شركاتٍ مُحددة أكثر من غيرها.
سؤالٌ آخر قد يخطر على البال: هل يعني إرسال الشركات للهواتف لمراجعين محددين أنهم على درجة عالية من الوثوقية؟ قطعًا لا. الشركات تبحث عن أكثر الشخصيات شهرةً كي تقوم بتسويق منتجاتها عبرهم، وشهرة الشخص نفسه لا تعني على الإطلاق أنه أفضل من يقدم نصيحة تقنية.
أخيرًا: هل يستحق قرار شراء الهاتف الذكيّ كل هذا التفكير والتخطيط؟ بالنسبة لي، نعم، ولعدة أسباب. أولًا، الهواتف الذكية بشكل عام ليست رخيصة الثمن، ومن حق أي شخص في أي مكان بالعالم أن يحصل على أفضل أداء ممكن بالنسبة له مُقابل السعر الذي يدفعه حتى ولو كان دولار واحد. من ناحية أخرى، معرفتك بميزات وخصائص وأداء المنتج الذي تنوي شرائه (سواء كان هاتف أو غيره) سيجعلك تحترمه أكثر، وتستخدمه بشكلٍ أفضل، وتستثمر قدراته على أفضل صعيدٍ ممكن.
مع الأسف الشديد وعبر ملاحظتي الشخصية، يقوم معظم الأشخاص بشراء هواتفهم بدون معرفة 10% من قدراتها ومميزاتها، وغالبًا ما تنحصر دوافع الشراء بالشكل والمظهر وحب المستخدمين للتفاخر بهواتفهم. معظم الأشخاص يدفعون ثمن منتجاتٍ لا يحتاجونها بشكلٍ فعليّ، ويوجد العديد من الأشخاص الذين يكتشفون أنهم دفعوا ثمن المنتج الخطأ، لأن ليس هذا ما يحتاجونه بالضبط. كل هذا لا يجوز، وانتشار تقنيات متقدمة بإمكانياتٍ كبيرة (كالهواتف الذكية) مع جهلٍ واسع بما يمكن أن تقدمه، سيرسخ فكرة أننا نعيش في عصر “الهواتف الذكية والأشخاص الأغبياء”.
بالنهاية، وعلى الرغم من أن المقال طويل (آمل ألا يكون مملًا) إلا أنه يهدف لمساعدتكم في كيفية اتخاذكم لقراراتكم تجاه التقنيات والمنتجات التي تريدون شرائها، وذلك من ناحية المراجعات التقنية التي تنتشر بشكلٍ كبير فور الإعلان عن أي هاتفٍ أو حاسبٍ جديد. المقال نابع من خبرتي الشخصية، وبالتالي قد أكون نسيت ذكر نقطة هامة، أو شددت على نقاطٍ أكثر من الأخرى، ولذلك أطلب منكم إبداء رأيكم بالمقال والنقاط المذكورة فيه عبر التعليقات، وكذلك ذكر أي نقاطٍ أخرى قد تجدونها هامة ولم أقم بذكرها.
أحدث التعليقات