عن أندرويد والمصدر المفتوح: خمس نقاط للرد على المُشككين

أخبار أندرويد أضف تعليق

andy-tux-1024x811

andy-tux-1024x811

طرحت غوغل نظام التشغيل أندرويد، كنظام مفتوح المصدر، بمعنى أن أي مطوّر أو شركة تستطيع تحميل مصدره المفتوح مجانًا، واستخدامه والتعديل عليه. كأي مشروع آخر مفتوح المصدر. وهذا هو سر روعة وانتشار أندرويد الذي تقف خلفه غوغل والتي تُعتبر واحدة من أكبر الشركات في العالم الداعمة للمصادر المفتوحة.

لكن تتعالى أصوات الكثير من المُشككين والمُعارضين لهذه الحقيقة، وخاصة من طرف المُتعصبين للمصادر المفتوحة. ورغم أنني أعتبر نفسي من المُتعصبين للمصادر المفتوحة، إلا أن العديد من الآراء بدت أكثر تعصبًا بمراحل، حيث يذهب البعض وفي الكثير من المقالات والتحليلات للقول إما بأن أندرويد ليس مفتوح المصدر بالمعنى المُتعارف عليه، أو بأن غوغل تُحيط أندرويد بقبضة حديدية تُفقد (المصدر المفتوح) روحه ومعناه الحقيقي. من بين أشهر هذه المقالات هي مقالة Ars Technica الشهيرة (والمليئة بالمغالطات) والتي وصفت أندرويد بالمصدر المفتوح من نوع: “look but don’t touch” أو كما يقول المثل الشامي: “شم ولا تدوق” (مسموح الشم، لكن ممنوع التذوّق).

فهل أندرويد (أقل انفتاحًا) للمصدر مما يجب عليه أن يكون؟ الجواب هو بالطبع لا، أندرويد هو مشروع مفتوح المصدر حقيقي لا يختلف عن المشاريع مفتوحة المصدر الكبيرة النموذجية الأخرى. وهنا سنورد إجابة فيها رد على عدة حجج في هذا الصدد.

الحجّة الأولى: أندرويد لا يتطابق مع جميع معايير المصدر المفتوح

الرد على من يذكر هذه النقطة يكون بالعودة إلى تعريف المصدر المفتوح، أو بالنظر إلى ما هي معايير المصدر المفتوح أساسًا؟ أفضل مصدر للاطلاع على معايير المصدر المفتوح هو العودة إلى تعريف “مُبادرة المصدر المفتوح” وهي المؤسسة غير الربحية المسؤولة عن وضع معايير المصدر المفتوح والترويج لها. بعض المُشككين يبتكر معاييرًا من بنات أفكاره يعتقد أنها من أُسس المصدر المفتوح بينما هي ليست كذلك، كقول البعض بأن غوغل لا تتيح للمطوّرين حول العالم بالمشاركة في تطوير شيفرة أندرويد المصدرية أثناء تطويرها، حيث تنحصر هذه المهمة بمطوري غوغل فقط ولا يُتاح المصدر المفتوح لعامّة المطوّرين إلا بعد إطلاق كل نسخة جديدة من أندرويد. لكن التطوير التشاركي ليس من معايير المصدر المفتوح أساسًا. ولو نظرنا إلى المعايير العشر التي تُعرّف ما هو المصدر المفتوح لوجدنا بأن أندرويد يُطابقها جميعًا بلا استثناء وهي:

  1. التوزيع المجاني
  2. توفير الشيفرة المصدرية
  3. يجب أن يسمح الترخيص بالتعديل على الشيفرة المصدرية وإعادة توزيعها ضمن نفس الشروط
  4. يجب أن يسمح الترخيص بتوزيع البرنامج المبني على الشيفرة المصدرية المعدلة ويُسمح أن يشترط الترخيص إعادة توزيع البرنامج بإسم مختلف أو رقم إصدار مختلف
  5. يجب أن يتوفر البرنامج مفتوح المصدر لجميع الأشخاص والجماعات دون تمييز
  6. لا يجب حصر البرنامج باستخدام مُعين، بل يُسمح لكل من يريد تعديل الشيفرة المصدرية إعادة استخدامها في مجالات مُختلفة
  7. يجب أن تنطبق الحقوق الخاصة بالبرنامج على جميع من يقومون بإعادة توزيعه دون حاجتهم للحصول على ترخيص إضافي
  8. في حال كان البرنامج مفتوح المصدر جزءًا من برنامج آخر أكبر، لا يجب أن تنحصر حقوق تعديله وتوزيعه على هذا المنتج فقط، حيث يحق للمطوّر تعديله وإعادة استخدامه وتوزيعه بشكل منفصل أو كجزء من برنامج آخر مفتوح المصدر
  9. لا يجب على الترخيص أن يضع حدودًا على البرمجيات الأخرى. للمطوّر الحرية في استخدام البرنامج مفتوح المصدر ودمجه مع أجزاء أخرى من برامج أخرى
  10. يجب أن يكون الترخيص بمعزل عن التقنية، بمعنى عدم إجبار المطور على الالتزام بواجهات معينة أو تجربة استخدام معينة

كما ذكرنا أعلاه، فإن أندرويد يتوافق مع جميع المعايير التي تُعرّف البرمجيات مفتوحة المصدر، يُمكن لأي شخص تحميل الشيفرة المصدرية لأندرويد مجانًا، والتعديل عليها واستخدامها وإعادة توزيعها بنفس الشروط المذكورة أعلاه.

الحجّة الثانية: غوغل ربطت أندرويد بتطبيقاتها بحيث أصبح غير قابل للاستخدام بمعزل عن خدماتها

تقول هذه الحجّة أنه من الصحيح بأنك تستطيع تحميل الشيفرة المصدرية لأندرويد، لكن هذه الشيفرة لا تأتي مع تطبيقات غوغل مُغلقة المصدر (مثل Gmail و Google Now مثلًا). وهذا صحيح، لكن ما هو ليس بصحيح هي فكرة بأن أندرويد غير قابل للاستخدام بصيغته مفتوحة المصدر. هذا كلام خاطىء تمامًا، حيث يأتي أندرويد مفتوح المصدر كنظام تشغيل مُتكامل للهواتف مع كامل التطبيقات اللازمة مثل تطبيق الهاتف والمفكرة والكاميرا ومعرض الصور وغير ذلك. تستطيع تحميل أندرويد مفتوح المصدر وتثبيته على أي هاتف وسيصبح لديك هاتف متكامل بنظام أندرويد دون أي حاجة للاعتماد على أي خدمة من خدمات غوغل. صحيح أن هذا عمليًا يعني بأن بعض الميزات قد لا تعمل بسبب حاجتها لتعريفات خاصة بها كالكاميرا والاتصال اللاسلكي، لكن هذا موضوع آخر لا علاقة بنقاشنا حول المصدر المفتوح، كما أن مطوّري الرومات المُعتمدة على نسخة أندرويد مفتوح المصدر يجدون له الحلول دائمًا.

الحجّة الثالثة: بعض تطبيقات وخدمات غوغل مُغلقة المصدر

هذه ليست حجة أساسًا فحتى أشد المُتعصبين للمصادر المفتوحة يعرفون أنه يحق لغوغل طرح ما تشاء من خدماتها بشكل مُغلق المصدر، طالما أن النسخة مفتوحة المصدر من أندرويد متوفرة للجميع وخالية من خدمات غوغل مُغلقة المصدر (مثل تطبيق Gmail)، فهذا يعني بأن نسخة أندرويد مفتوحة المصدر هي مفتوحة المصدر بالكامل. فكما يحق لفيسبوك أو فايبر مثلًا طرح تطبيقاتها على أندرويد بشكل مُغلق المصدر كأي شركة أخرى، يحق لغوغل طرح ما تشاء من تطبيقاتها المُغلقة ضمن أندرويد. هذا لا يُخالف معايير المصادر المفتوحة بأي شكل من الأشكال.

الحجّة الرابعة: غوغل تنقل العديد من خدماتها إلى تطبيق Play Services مُغلق المصدر

قبل الرد على هذه الحجّة دعنا نشرح شيئًا من الضروري معرفته بالنسبة لمن لا يعرفه. في حين أن أندرويد مفتوح المصدر متوفر لجميع الشركات من أجل استخدامه في الهواتف، دون الحاجة حتى للعودة إلى غوغل أو سؤالها. لكن ومن أجل المُحافظة على تقديم نوعية عالية من الخدمة، يُمكن لأي شركة كانت -بشكل اختياري وليس إجباري- الانضمام إلى برنامج خاص لترخيص هواتفها رسميًا من غوغل. ترخيص الهاتف من غوغل يعني أنه يحق للشركة طرح خدمات غوغل الرسمية في الهاتف (مثل الخرائط والبريد الإلكتروني والبحث) بعد أن تقوم غوغل بعمل نوع من اختبار الجودة للتأكد بأن خدماتها تعمل بشكل صحيح على هذا الهاتف أو ذاك قبل طرحه. هذا أمر طبيعي كي تضمن غوغل جودة أي مُنتج يحمل اسمها في الأسواق.

تطبيق Google Play Services هو تطبيق يُقدم البنية التحتية للمطوّرين الراغبين بتطوير تطبيقات تعتمد على خدمات غوغل. على سبيل المثال لو كنت مطوّرًا تقوم بتطوير تطبيق يعرض للمُستخدم المطاعم القريبة منه على الخريطة، وكنت تريد عرض المطاعم على خرائط غوغل داخل واجهة تطبيقك، تحتاج حينها للتخاطب مع الواجهات البرمجية لخرائط غوغل، هذه الواجهات البرمجية متوفرة ضمن حزمة Google Play Services. الحجّة التي يوردها بعض هو أن Google Play Services مُغلقة المصدر ورغم أن هذا بحد ذاته ليس انتهاكًا للمصدر المفتوح حتى برأي المعارضين حيث يحق لغوغل إغلاق ما تشاء من خدماتها لأن هذا هو مصدر ربحها، لكن هذا يعني أن الشركات التي تعتمد على النسخة المفتوحة من أندرويد (والتي لا تحتوي على خدمات أندرويد المُغلقة ومنها Play Services) لا تستطيع اعتماد خدمات وتطبيقات غوغل، كما أن تطبيقات أندرويد التي تعتمد على خدمات غوغل المتوفرة في حزمة Play Services لن تعمل على هذه الأجهزة بالشكل الصحيح.

أي شركة تريد طرح جهاز يعمل بأندرويد دون التنسيق مع غوغل، يحق لها هذا طبعًا لكن لا يحق لها استخدام خدمات غوغل مُغلقة المصدر. هذا ما نشاهده مثلًا في أجهزة “كيندل فاير” من آمازون التي تعمل بأندرويد لكنها في المُقابل وفّرت البدائل للمطوّرين. على سبيل المثال رخّصت آمازون تقنية الخرائط الخاصة بنوكيا، وأتاحت للمطوّرين الراغبين بطرح تطبيقاتهم على أجهزة “كيندل فاير” استخدام الواجهات البرمجية الخاصة بها. وحتى بالنسبة للتطبيقات التي تعتمد أحد خدمات غوغل كالخراط مثلًا، وفرت آمازون للمُطوّرين وسيلة للتخاطب مع الواجهات البرمجية الخاصة بخرائط غوغل دون المرور بحزمة Play Services أو الاعتماد عليها.

لكن هل هذا يجعل أندرويد ليس مفتوح المصدر أو أقل انفتاحًا؟ لا بالطبع، غوغل في النهاية شركة ربحية وليست جمعية خيرية ومن حقها تبنّي ما تراه الأنسب لتقديم أفضل تجربة استخدام ممكنة لأندرويد ولخدماتها، وليست مُطالبة بفتح مصدر خدماتها الرئيسية مثل الخرائط وجيميل، وعدم قيامها بهذا لا يعني بأن أندرويد ليس مفتوح المصدر بالمعنى الحقيقي للكلمة.

الحجّة الخامسة: أندرويد يعتمد على نواة لينوكس لكنه ليس لينوكس

هذه أيضًا إحدى الحجج الغريبة التي قد تقرأها هنا أو هناك. حيث تقول هذه الحجّة بأن أندرويد يعتمد نواة لينوكس لكن بُنيته مختلفة تمامًا عن بُنية توزيعات لينوكس! في الواقع قد تكون هذه من أضعف الحجج. فما لينوكس بالنهاية إلا النواة بحد ذاتها، وكل الطبقات والبرمجيات التي تقوم الشركات المُختلفة بإضافتها فوق النواة ما هي إلا تخصيصات وأساليب استخدام مُختلفة، أي يُمكن اعتبار أندرويد (توزيعة) لا تختلف عن توزيعات لينوكس الأخرى مثل أوبونتو أو فيدورا، لكنها توزيعة مصممة للعمل على الهواتف الذكية.

ورغم أن نواة أندرويد قد بدأت كنسخة مُتشعبة عن نواة لينوكس Fork، قامت مؤسسة لينوكس بالتعاون مع غوغل لاحقًا بدمج أندرويد مع شجرة التطوير الرئيسية، واصبحت نواة أندرويد جزءًا من نواة لينوكس كما أعلن مدير مشروع تطوير نواة لينوكس “لينوس تورفالدز” في العام 2012. بمعنى آخر فإن نواة أندرويد هي نواة لينوكس، أي أن أندرويد هو لينوكس.

في النهاية، يحق لكل شركة التعديل على أندرويد وإضافة خدماتها بل وحتى عدم اعتماد أي خدمة من خدمات غوغل المُغلقة فيه. وفي النهاية فإن غوغل تقوم بإضافة خدماتها فوق أندرويد، كما تقوم أي شركة أُخرى بذلك. لماذا يحق لآمازون مثلًا إضافة خدامتها المُغلقة فوق أندرويد في حين أننا نصف أندرويد بعدم الانفتاح عندما تقوم غوغل بذلك؟

أندرويد مفتوح المصدر كما قُدِّر للمصدر المفتوح أن يكون، وكل ما يقال عكس ذلك هو كلام لا يستند على أي تبرير منطقي.

The post عن أندرويد والمصدر المفتوح: خمس نقاط للرد على المُشككين appeared first on أندرويد بالعربي | أردرويد.

تم إغلاق التعليقات.

أندرويد للعرب © 2024 WP Theme & Icons by N.Design Studio | تعريب قياسي
التدويناتRSS | التعليقاتRSS | تسجيل الدخول