X

تقرير: إتش تي سي بأسوأ حالاتها، وقد تضطر قريبًا للبدء ببيع أقسامها

هي نفس القصة التي نسمعها منذ عدة سنوات: خسائر متتالية، انخفاض في القيمة السوقية، مبيعاتٍ متدنية، واحتمال أن نشاهد إعلانًا رسميًا بوفاة إتش تي سي بأي لحظة، والآن تعود هذه الأخبار بعد تقريرٍ يكشف عن أن الشركة التايوانية بصدد اتخاذ قرارٍ استراتيجيّ قد يكلفها خسارة أحد أبرز أقسامها، وربما بيعها بالكامل.

قبل البدء: مراجعة القصة 

قد يكون من المذهل للكثيرين كيف وصلت إتش تي سي لما هي عليه، من شركةٍ تصدرت يومًا صناعة الهواتف الذكية حول العالم والسباقة دومًا بتبني أحدث التقنيات وطرحها بالهواتف، إلى شركةٍ تعاني وتصارع من أجل البقاء.

أول هاتف يعمل بنظام تشغيل أندرويد HTC Dream

بلغة الأرقام، خسرت إتش تي سي 70% من قيمتها في السوق خلال السنوات الخمس الماضية لتصبح قيمتها الحالية حوالي 1.8 مليار دولار أمريكيّ، مع حصةٍ سوقية أقل من 2% في مجال الهواتف الذكية.

تعددت أسباب السقوط السريع التي أوصلت إتش تي سي للوضع الحاليّ: عدم القدرة على منافسة سامسونج وآبل في قطاع الهواتف الرائدة من جهة، وعدم القدرة على منافسة الشركات الصينية بمجال الهواتف المتوسطة والاقتصادية من جهةٍ أخرى. يلوم الكثيرون عدم امتلاك إدارة إتش تي سي لقراءةٍ جيدة لمُستقبل السوق وتمسّكها بأسعارٍ مُرتفعة في الوقت الذي بدأت فيه سامسونج ضخ هواتفٍ مُنخفضة الكلفة وبمُختلف الفئات، وهي الاستراتيجية نفسها التي اعتمدتها الشركات الصينية (ولا تزال).

بكل الأحوال، لم تقف الشركة مكتوفة الأيدي وعمدت لإيجاد حلولٍ جديدة كان أبرزها أخذ الريادة بمجال الواقع الافتراضيّ عبر نظارة HTC Vive التي تعتبر حتى الآن أفضل ما تم تصنيعه بهذا المجال، وهي الجانب المشرق الوحيد حاليًا في مبيعات الشركة. تم أيضًا التعاقد مع جوجل لتصنيع هواتف بيكسل، وسيستمر هذا الوضع العام الحاليّ، ما يوّفر مدخولًا جيدًا يمكن استثماره لإبقاء الشركة على قيد الحياة، ولو أن البعض يجد أنها قد “ماتت سريريًا”.

فيما يتعلق بسوق الهواتف الذكية، وعلى الرغم من التقييمات الإيجابية لهاتف HTC 10 العام الماضي والإشادة بأدائه ومتانة تصنيعه (للمزيد: اقرأ هنا) أو حتى إصدار هاتف U11 العام الحاليّ بميزاتٍ مبتكرة وفريدة وعتادٍ متقدم وبسعرٍ أقل من المنافسين، بدا وأنه لن يكون هنالك وسيلة لإنقاذ الشركة في ظل هيمنة سامسونج وآبل والصعود الثابت والقويّ لهواوي والشركات الصينية الأخرى.

قدمت إتش تي سي الكثير من الميزات القوية والمبتكرة بهاتفها الجديد U11، ولكنه لا يزال عاجزًا عن جذب المستخدمين وإقناعهم بضرورة شرائه

كشفت النتائج المالية للشركة عن تحسناتٍ في بعض الأوقات، ولكنها كانت لفترةٍ قصيرة ومرتبطة بالفترة الأولى بعد طرح الهواتف الرائدة، ولم تبلغ مرحلة تجاوز الخسائر وتحويلها لربحٍ صافي، وأفضل ما تم إنجازه هو تقليصٌ للخسائر المتتالية. هذا كله أوصل للوضع الحاليّ الذي يبدو أن الشركة ستُجبر فيه على اتخاذ قرارٍ جذريّ.

يجب اتخاذ قرار استراتيجي! 

بحسب موقع Bloomberg ونقلًا عن مصادر من داخل إتش تي سي، تم البدء بأخذ استشارات من خبراء ماليين من أجل التوصل لقرارٍ “استراتيجيّ” ينقد الشركة من المآسي المتتابعة، حيث تضمنت الحلول المقترحة عمليات بيع وفقًا لخياراتٍ مُختلفة، مثل بيع أحد الأقسام أو ربما بيع الشركة بأكملها.

يعتبر خيار البيع الكامل للشركة صعبًا وبعيدًا عن التحقيق، نظرًا لأن الإدارة لا تمتلك النية لاتخاذ هكذا خطوة، كما أنها تمتلك كمياتٍ كبيرة من براءات الاختراع والنّماذج المُسجلة باسمها والتي ستفرض بدورها دفع الكثير من المال. على الرّغم من ذلك، فإن هذا الخيار بقي مَطروحًا للنقاش مع ترّجيح إمكانية البيع لشركةٍ أو مُستثمرٍ من الصين.

الخيارات الأكثر واقعية ومنطقية هي بيعٌ جزئي لأحد الأقسام، وبالتحديد قسم الواقع الافتراضيّ كونه الجانب الأكثر إشراقًا والجاذب المُحتمل للمُستثمرين أو الشراة، فمن ناحية لا يزال هذا السوق صاعدًا ويحمل إمكانياتٍ كبيرة، ومن ناحيةٍ أخرى تُعتبر إتش تي سي حاليًا الأقوى بهذا المجال خصوصًا بعد إطلاقها لأول نظارة واقع افتراضيّ مستقلة لا تحتاج للربط مع أي عتادٍ خارجيّ، ومن المُحتمل أن تقوم شركة مثل فيسبوك باتخاذ خطوةٍ مماثلة للاستحواذ على أفضليةٍ أكبر بسوق الواقع الافتراضيّ، حيث سبق وأن استحوذت الشركة على حقوق نظارة Occulus Rift.

قطاع الواقع الافتراضيّ متمثلًا بنظارة HTC Vive هو الوجه البرّاق حاليًا للشركة التايوانية

لم يوّفر التقرير الجديد معلوماتٍ حاسمة، وانتهى بخلاصةٍ مفادها أن خيار البيع الكامل هو أمرٌ ذو احتماليةٍ ضعيفة جدًا (وقد وسبق أن أكدت إتش تي سي ذلك)، ويبقى الأكثر ترجيحًا هو بيعٌ جزئيّ لقسم الواقع الافتراضيّ، ولو أنه لا يبدو أن هنالك نية حقيقية لذلك. ما تم تأكيده أن الشركة تبحث عن حلولٍ جذرية، ويبدو من الواضح أنه هنالك عجزًا في كسر حالة الخسائر المالية المتعاقبة.

ما هو الحل؟

لا ينقص إتش تي سي القدرة على تصنيع هواتف بأفضل أداء وبجودة تصنيع متقدمة، ويبدو أن استراتيجية الشركة قد استندت على هذه النقطة خلال العامين الماضيين ضمن سياستها الرامية لجذب المستخدمين، ولكن يبدو أن ما لم تنتبه له الإدارة أن الشركة فقدت القدرة على ذلك اعتمادًا فقط على المواصفات والأداء والتاريخ الكبير، وهي بحاجة لما هو أكثر من ذلك بكثير.

أحد الأمور التي كان من شأنها المُساعدة هي التنازل عن الأسعار المُرتفعة، وهو أمرٌ يبدو أنه قد تم استدراكه بوقتٍ مُتأخر ولم يتم تحقيقه إلا عند إطلاق هاتف U11، ومع ذلك، فإن الهاتف لا يزال ذا ثمنٍ مُرتفع عند مُقارنته مع الهواتف الصينية، خصوصًا أن الشركة خسرت ثقة مزودي الخدمة الذين رفض الكثير منهم توفير عروضٍ لشراء هواتفها بالتقسيط، ما يعني أن المستخدم قد لا يعرف أصلًا أن هنالك هاتفًا يحمل هذا الاسم بسبب غياب أحد أهم قنوات التسويق وهي عروض مزودي خدمة الاتصالات.

لو أردنا أن نكون منطقيين، فإن الحل الوحيد الذي يضمن أفضل النتائج للجميع هو الاستحواذ المباشر من جوجل التي تتمتع بعلاقةٍ ممتازة مع الشركة التايوانية منذ الأيام الأولى لنظام أندرويد ولا تزال مستمرةً حتى يومنا هذا.

طرحنا العام الماضي حوارًا بهذا الخصوص، أي جدوى قيام جوجل بالاستحواذ على إتش تي سي، وفيما يبدو أنه لا نية للعملاق الأمريكيّ القيام بذلك لأسبابٍ مالية تتعلق بتحمل أعباء التصنيع والإنتاج، فإن الأمر قد ينطوي أيضًا على إيجابياتٍ كبيرة للمستخدمين وسمعة نظام أندرويد على حد سواء، ولهذا الأمر علينا جلب نموذج أيفون الشهير.

تولت إتش تي سي مسؤولية تصنيع الجيل الأول من هواتف بيكسل الخاصة بجوجل

يتفاخر مستخدمو هواتف أيفون بالتوافق العالي بين العتاد ونظام التشغيل، وذلك بسبب تحكم آبل بكل التفاصيل من أصغرها لأكبرها فيما يتعلق بالهواتف التي تقوم بإنتاجها، حيث تستطيع الشركة الأمريكية اختيار وتصميم العتاد الذي يقدم أفضل أداءٍ لنظام التشغيل. بحالة نظام أندرويد فالقصة معقدة ومتشعبة أكثر، لأنه لا يوجد حتى الآن “مُصنّع” رسميّ يمكن أخذه كنموذجٍ معياريّ والقول: هذا هو هاتف أندرويد، ولو أن جوجل اقتربت من ذلك كثيرًا العام الماضي عبر إطلاق علامتها التجارية “بيكسل” وفرض تحكمٍ شبه كامل على كيفية تصميم وتصنيع الهواتف.

ولكن مع توافر المصانع، المهندسين، الخبرة الطويلة التي تمتلكها إتش تي سي مضافًا إليها نظرة جوجل لما يجب أن تكون عليه هواتف أندرويد، سيكون هنالك معادلة جديدة مفادها إطلاق هاتفٍ معياريّ يوفر أفضل تجربة أندرويد على الإطلاق إلى جانب ابتكاراتٍ عتادية فريدة وحصرية مصدرها خبرة إتش تي سي بهذا المجال (وهو ما ستقوم جوجل بجلبه لهاتف بيكسل 2 هذا العام وفقًا للتسريبات المتوفرة).

ستتولى إتش تي سي تصنيع هاتف بيكسل 2 وفقًا للمعلومات الحالية

وماذا الآن؟ 

لا أريد أن يفهم التقرير السابق على أنه إعلان “وفاة” لإتش تي سي، فالمؤشرات الحالية تشير إلى أنها مستمرة بشكلٍ مستقل وستحافظ على كافة قطاعاتها التقنية، ولكن إلى متى؟ وهل ستتمكن الشركة من المتابعة بظل الظروف والمعطيات الحالية الخاصة بسوق الهواتف الذكية؟

بشكلٍ شخصيّ، لا أعتقد أن هنالك أي أمل لبقاء إتش تي سي كشركة مستقلة في سوق الهواتف استنادًا للواقع الحاليّ للسوق، ومع تقديري لقيمتها وما قدمته لدفع هذا المجال قدمًا للأمام، أجد أن الأفضل للجميع هو الاستحواذ من جوجل، كونه أمرٌ سيصب بمصلحة المستخدمين بنهاية المطاف، وهو أكثر ما يهم.

دعونا نعرف رأيكم ضمن التعليقات: هل تعتقدون أنه يجب أن يتم بيع إتش تي سي؟ وهل جوجل هي أفضل من يجب أن يقوم بذلك؟ أو أن هنالك طريقة ما يمكن أن تنقذ الشركة من خساراتها المتتالية؟

 

 

المصدر: تقرير: إتش تي سي بأسوأ حالاتها، وقد تضطر قريبًا للبدء ببيع أقسامها

Leave a Comment