“لا تتنازل”، هذا هو الشعار الذي اختارته لنفسها شركة “ون بلس” مع إطلاقها لأول هاتفٍ ذكيّ من تصميمها وإنتاجها (أو هذا ما كنّا نظنه)، أي ون بلس ون، حيث انتشرت سمعة الهاتف كالنار في الهشيم وأصبح هو والشركة المُصنّعة له وخلال وقتٍ قصير على ألسنة كافة محبي ومهووسي التقنية. فيما يتعلق بالهاتف نفسه، فقد أصرّت الشركة على أنه “قاتل الهواتف الرّائدة Flagship Killer” بما يمتكله من مواصفاتٍ متقدمة وسعرٍ منافس أقل بكثير من باقي المنافسين.
هكذا بدأت ون بلس عام 2014 التي رافقتها هذه “الكاريزما” المميزة لتتمكن من تثبيت نفسها خلال وقتٍ قصير كأحد أبرز الأسماء بعالم تصنيع الهواتف الذكية. اليوم وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على إطلاق الهاتف لأول مرة أصبح برصيد الشركة عدة هواتف آخرها OnePlus 5T، ومع زيادة شعبية الشركة (وزيادة أسعار هواتفها)، لا تزال الشركة تسوّق لمنتجاتها اعتمادًا على نفس الاستراتيجية التي بدأت بها.
من ناحيةٍ أخرى، وعلى الرّغم من هذه “الكاريزما” إلى أن للشركة جوانب أخرى سيئة: عدم الاتجاه لتضمين هواتفها بأي ميزاتٍ جديدة، مرور فترة طويلة قبل اعتماد OxygenOS كواجهة استعمال أساسية بعد مشاكل متعددة مع سيانوجين، عدم تواجد خدمة زبائن جيدة. رد ون بلس على كافة هذه الأمور يتلخص بنقطة واحدة: نحن لازلنا “شركة ناشئة” ينقصها الموارد والدعم الذي تمتلكه شركات مثل سامسونج وآبل. فهل هذا الكلام صحيح؟ هل ون بلس بالفعل شركة صغيرة تكافح بين العمالقة؟
عبر هذا المقال، سنتناول ون بلس بتفصيلٍ أكثر ونسلّط الضوء على الجوانب الأخرى التي لا تقولها للمستخدمين، والتي قد تظهر أنها ليست كما تدعي. يجب أن أشير إلى أن هذا المقال لا يتطرق لجودة الهواتف نفسها وأتمنى ألا يتم إساءة المقصد: الحديث هنا هو عن بعض الخرافات والأفكار التسويقية التي أصبحت تحيط بون بلس. يجب الإشارة إلى أن المقال مقتبس من أحد فيديوهات قناة TechAltar على اليوتيوب، والتي طرح صاحبها فيديو يتناول هذا الموضوع.
نحن شركة صغيرة
هذا ما تقوله ون بلس على الدوام كجوابٍ على عدم قيامهم بتضمين هواتفهم بأي ميزةٍ جديدة، حيث يؤكد مدراء الشركة باستمرار على أنهم لا يمتلكون الموارد أو المال الكافي من أجل الإنفاق على تبني الميزات الحديثة، وقد ظهر هذا الأمر بوضوحٍ هذا العام بعد أن تم إطلاق هاتف OnePlus 5 والذي لم يحمل أي ميزةٍ جديدة للمستخدمين (بالإضافة لرفع سعره مقياسًا بهواتف العام الماضي)، حيث تم إجراء مقابلة مع موقع The Verge الشهير، والتي اشتملت على عرضٍ لنفس التبريرات من مدراء الشركة ومسؤوليها:
- لم نكن قادرين على تضمين الهاتف بشاشةٍ بلا حواف لأننا لا نملك المال ولا الموارد.
- بدلًا من التركيز على تبني تقنياتٍ جديدة نركز كل طاقاتنا لإطلاق هاتفٍ بأفضل تصميمٍ وأداءٍ ممكنين وأخفض سعرٍ ممكن.
- نحن شركة ناشئة.
فهل هذا الكلام صحيح؟ في الواقع لا، والجواب على ذلك يتلخص بكلمة واحدة: Oppo، ولمن لا يعلم، شركة Oppo هي أحد أكبر الشركات المصنعة للهواتف الذكية في العالم (المرتبة الرابعة بالتحديد) وتحتل المركز الأول في الصين.
ولكن ما علاقة ضعف موارد ون بلس بشركة Oppo؟ هنا نأتي للنقطة الهامة: ون بلس عبارة عن فرع لشركة Oppo، أي أنها بمثابة “الأخ الأصغر” للعملاق الصينيّ الكبير، وجميع الموظفين الذين قاموا بتأسيس ون بلس هم من Oppo، بمعنى أن العلاقة وثيقة جدًا بين الشركتين. كي نكون دقيقين أكثر، فإن الشركتين هما جزء من شركةٍ عملاقة تدعى BBK والتي تعتبر اليوم ثاني أكبر مصنع للهواتف الذكية في العالم بعد سامسونج، إذ أنها مالكة أيضًا لشركة Vivo الصينية.
بالعودة لون بلس، ومع معرفة علاقتها الوثيقة بشركة Oppo، هل يجب افتراض أنه يتوّجب على Oppo تزويد المال والموارد لون بلس؟ نظريًا لا، وبحسب الحملات التسويقية لون بلس، فإن عملية تطوير وتصنيع الهواتف تتم ضمن مختبراتهم اعتمادًا على مواردهم وخبرتهم. مع الأسف، فإنه يبدو لنا أن هذا الأمر غير صحيح على الإطلاق، إذ يبدو أن هنالك مشاركة هائلة بالموارد بين الشركتين، أو بالأحرى، يبدو أن Oppo تقوم بتطوير نموذجٍ واحد ويتم بيعه مرّتين: مرة تحت اسم العلامة التجارية لـ Oppo والمرة الأخرى تحت العلامة التجارية لون بلس، ولنأخذ بعض الأمثلة من العام الحاليّ فقط:
- لننظر للصور التالية التي تظهر هاتف OnePlus 5 إلى جانب Oppo R11:
الآن وبغض النظر عن الصورة التي تقارن بين تصميم الهواتف مع الأيفون (والتي أعتقد أنها أحد استراتيجيات Oppo لبيع هواتفها في الصين)، سيكون بالإمكان مشاهدة تشابه يصل إلى حد التطابق تقريبًا بتصميم الهاتفين. الآن إن اعتبرنا هذا صدفة، لننتقل لاستعراض بعض الصور التي تقارن الهواتف الأحدث OnePlus 5T و Oppo R11 Plus:
مرة أخرى تتكرر نفس القصة: تشابه يصل إلى حد التطابق، واستخدام لنفس التصميم مرّتين، الأولى عبر Oppo والثانية عبر ون بلس. الآن بالعودة لكلام مدراء ون بلس حول عدم امتلاكهم للمال أو الموارد لتطوير هاتفٍ يمتلك شاشة بدون حواف عندما قاموا بإطلاق OnePlus 5، كيف تمكنوا من تجاوز هذه المشاكل خلال بضعة أشهر، وما هي هذه الصدفة التي جعلتهم يطلقون OnePlus 5T بعد أن قامت Oppo بالكشف عن R11s، والذي يحمل نفس التصميم؟
أخيرًا، يجب الإشارة إلى تقنية الشحن السريع Dash Charge الخاصة بون بلس، والتي تعتبر إحدى أفضل التقنيات التي تؤمن سرعة شحن ممتازة. لا يمكن أن يكون الأمر صدفة عندما تتطابق خواص هذه التقنية مع خواص تقنية VOOC Charge الخاصة بـ Oppo.
على ضوء هذه المعلومات، لا أعتقد أنه يمكن القول أن ون بلس شركة صغيرة محدودة الموارد والإمكانات، إذ يبدو أن هنالك من يقوم بالفعل بتزويدها بكل ما تحتاجه من تصاميم ونماذج أولية، والتشابه الكبير بين تصاميم ومواصفات هواتف ون بلس مع تصاميم ومواصفات هواتف Oppo يكشف عن تعاونٍ عميق ووثيقٍ جدًا، لم يقم أي من مسؤولي ون بلس بالحديث عنه حتى الآن.
يبدو أن “ون بلس” تتنازل بالفعل
من بين السبل التسويقية التي تستخدمها ون بلس، يبرز شعار “لا تتنازل Never Settle” ليمثل فلسفة الشركة وطريقة عملها وليضفي عليها “جاذبية” إضافية لإقناع المستخدمين بضرورة شراء هواتفها.
ولكن لو عدنا قليلًا لتصريحات مدير الشركة نفسه حول سبب عدم تضمين هاتف OnePlus 5 بشاشةٍ بلا حواف، لعلمنا أن الشركة في الواقع تتنازل كثيرًا، إذ يقول “بيت لاو Pete Lau” أنهم يقومون بانتظار شركات مثل سامسونج لتأتي بأفكارٍ جديدة أو شركة مثل آبل لتظهر للمستخدمين أهمية استخدام تقنية مثل الكاميرات المزدوجة، ليقوموا بهم بتبني هذه الأمور وطرحها بهواتفهم. هذا الكلام يعني أن الشركة لا تنفق أي شيء على الإطلاق فيما يتعلق بالتطوير، ومع الدعم المقدم من الأخ الأكبر Oppo فيما يتعلق بتوفير التصاميم والتقنيات العتادية، كل ما تقوم به ون بلس – فعليًا – هو بعض اللمسات هنا وهناك وتطوير واجهة الاستخدام OxygenOS الخفيفة أصلًا والقريبة جدًا من أندرويد الخام بعيدًا عن أي تخصيصاتٍ وإضافاتٍ معقدة، كما تقوم سامسونج وهواوي في هواتفها.
هل لا يزال السعر عاملًا حاسمًا لون بلس؟
أحد نقاط القوة التي ارتكزت عليها ون بلس في بداياتها هي طرح هواتف تتضمن أعلى المواصفات بأقل سعرٍ ممكن، وتحديدًا طرح الهاتف بسعرٍ يعادل نصف قيمة الهواتف الرائدة من الشركات الكبيرة الأخرى، حيث تم طرح OnePlus One بسعرٍ يعادل 300 دولار أمريكيّ. ولكن هل لا يزال الوضع كما هو؟ لنلقي نظرة على المخطط التالي:
لم تحافظ ون بلس على هامش سعر موّحد لهواتفها، بل قامت برفعه سنةً تلو الأخرى حتى وصل إلى حدود 560 دولار أمريكيّ بالنسبة لهاتف OnePlus 5T، بينما وصل سعر هاتف OnePlus 5 لحدود 500 دولار أمريكيّ، وعلى الرّغم من أن هذه الأسعار لا تزال أقل مما تطرحه الشركات الأخرى، إلا أنها لم تعد منافسة لتلك الدرجة! قمت بتفقدٍ سريع لأسعار بعض الهواتف لتوضيح هذه النقطة بشكلٍ أفضل:
- يمكن شراء هاتف HTC U11 بمواصفاته الكاملة (ذاكرة عشوائية 6 غيغابايت مع مساحة تخزين 128 غيغابايت) وكامل ملحقاته وإكسسواراته بسعرٍ قدره 2330 ريال من متجر سوق، بينما سيكلف هاتف OnePlus 5T سعرًا قدره 2850 ريال سعودي من نفس المتجر.
- يمكن شراء هاتف LG G6 بمواصفاته الكاملة بسعرٍ قدره 2199 ريال من متجر سوق
- يمكن شراء هاتف Nokia 8 بسعرٍ قدره 1699 ريال من متجر سوق
هذه الأسعار هي لما يوفره متجر سوق، وعند الذهاب لبعض المتاجر العالمية مثل ebay، سيكون بالإمكان إيجاد عروض أفضل بكثير، خصوصًا أن معظم الشركات تقوم بتخفيض أسعار هواتفها.
المقصد من النقطة السابقة أنه وعلى الرّغم من أن أسعار هواتف ون بلس لا تزال أقل من المنافسين، إلا أن الفارق لم يعد كبيرًا، خصوصًا أن سوق الهواتف الذكية يتضمن العديد من الخيارات ولا يتمحور فقط على سامسونج وآبل، بل يمكن شراء هاتف من شاومي بسعرٍ منخفض وبأحدث المواصفات المتوّفرة، أو حتى هاتف من عائلة Honor من هواوي أو حتى هاتف من عائلة Moto.
الخلاصة: ما هي ون بلس؟
بعد الاستعراض السابق، وبعد الحديث المكثف عن علاقة ون بلس بـ Oppo، أجد أنه من المنطقي جدًا القول أن ون بلس هي الوجه العالميّ للشركة الصينية الضخمة، حيث يتم العمل على تسويق هواتف ون بلس للأسواق العالمية مع خلطةٍ من القصص المشوّقة والشعارات البرّاقة مثل: شركة ناشئة، لا تتنازل، قاتلة الهواتف الرّائدة، في حين يتم العمل على تسويق وبيع هواتف Oppo في السوق الصينية عبر التركيز على استنساخ تصميم الأيفون والترويج لقدرات الكاميرا التي توّفرها.
يجب أن أؤكد مرة أخرى على أمر هامٍ ذكرته ببداية هذا المقال: الكلام السابق لا يقلل من جودة الهواتف التي تقوم ون بتصنيعها، والتي تتحسن عامًا بعد عام، كما أنه توّفر إحدى أفضل تجارب الأداء في عالم الهواتف الذكية من حيث السرعة، بفضل العتاد القويّ وسلاسة واجهة الاستخدام وبساطتها. لا أود أن يتم إساءة فهم المقال على أنه تشويه لسمعة منتجات ون بلس، بل هو بمثابة رد على ادعاءات الشركة وكيفية تسويقها لمنتجاتها، والذي ينطوي – من وجهة نظري الشخصية – على خداعٍ وتزييفٍ غير مبررين.
بكل تأكيد، سيبقى للشركة جمهورها ومحبيها، ويبدو أنها قادرة على كسب المزيد من المستخدمين، ولكن تكرار الحجج التي بدأت بها منذ عدة سنوات لم يعد أمرًا مقبولًا، خصوصًا أننا أصبحنا نعلم بشكلٍ جيد أنها ليست “صغيرة” كما تدّعي.
ما رأيكم بون بلس؟ هل تعتقدون أنها بالفعل “لا تتنازل” وأنها “قاتلة الهواتف الرائدة”؟ أم أنكم تتفقون مع فكرة المقال؟ شاركونا رأيكم وخبرتكم ضمن التعليقات.
المصدر: الحقيقة وراء ون بلس: هذا ما يجب أن تعرفوه عن “قاتلة” الهواتف الرّائدة
Leave a Comment