X

أبرز ثلاثة تطوّرات في تاريخ أندرويد

يسيطر أندرويد اليوم على أكثر من 81% من سوق الهواتف الذكية، وهي نسبة هائلة لا أعتقد أن حتى أشد المتحمسين لأندرويد، بما في ذلك مؤسسيه كانوا يتوقعون الوصول إليها في يوم من الأيام، خاصة في ظل وجود أنظمة تشغيل أخرى كانت منافسة في حينها ومسيطرة على السوق مثل سيمبيان وبلاك بيري، ولاحقًا iOS.

لو أردنا الحديث عن أسباب التفوق المثير للإعجاب الذي حققه أندرويد، فهي متعددة ولا يمكن اختصارها بسبب واحد. البعض يتحدث عن كونه مجاني ومفتوح المصدر، والبعض الآخر يتحدث عن دعمه من شركة كبيرة مثل غوغل، وآخر يتحدث عن ميزاته نفسها وتجربة حرية الاستخدام التي يقدمها، وغير ذلك. في الحقيقة هي جميع هذه الأسباب (وغيرها الكثير) مجتمعة. لا يمكن أن نختصر الأمر بسبب واحد.

في هذه المقالة لا أريد أن أحلل أسباب نجاح أندرويد تحديدًا، بل سأتحدث عن أبرز ثلاث لحظات تاريخية، أو أبرز ثلاثة تطورات ساهمت إيجابيًا في تحقيق قفزات كبيرة في مجال تطوّر نظام التشغيل، هذه القفزات ساهمت دون شك بشكل مباشر أو تدريجي غير مباشر في تطور أندرويد لوصوله إلى هذه النقطة.

كما قلت، يوجد الكثير مما يمكن أن يُحكى حول كيفية تطور أندرويد ووصوله إلى هنا، لكن لو أردنا اختصار تطور أندرويد بثلاث مراحل رئيسية فقط فستكون هي التالية:

شراء غوغل لأندرويد

قد لا يعرف البعض بأن أندرويد لم يظهر داخل شركة غوغل، ولم تكن غوغل هي من بدأ بتطويره، بل أسس “آندي روبن” شركة أطلق عليها إسم “أندرويد” في العام 2003 كانت تهدف في البداية إلى إنشاء نظام تشغيل متطور للكاميرات الرقمية، ثم تبدّل هدف الشركة إلى تطوير نظام تشغيل للهواتف الذكية يعتمد على نواة لينوكس. وقد تم العمل على تطوير النظام حتى مرحلة معينة إلى أن جاءت غوغل واستحوذت على الشركة في العام 2005 وانضم روبن وفريقه للعمل تحت راية غوغل لتطوير النظام الذي لم يكن أحد قد سمع عنه في حينها.

شراء غوغل لأندرويد شكّل أول وأهم قفزة لنظام التشغيل الذي أصبح مدعومًا من شركة عملاقة تمتلك الأموال والمواهب والفكر المتفتّح اللازم لتحويل هذا الحلم إلى حقيقة. وهذا ما فعلته غوغل التي عملت على ربط خدماتها الشهيرة ودمجها مع نظام التشغيل، مع الحفاظ على مصدره المفتوح ومجانيته. وبالفعل قامت غوغل في العام 2007 بالاتفاق مع أبرز الشركات في عالم الهواتف المحمولة مثل سامسونج وإتش تي سي وكوالكوم وسوني وغيرها لتأسيس الاتحاد المفتوح للهواتف النقالة Open Handset Alliance والذي يهدف إلى دعم وترويج ووضع معايير أندرويد نظامًا للهواتف الذكية. وبذلك أصبح يقف خلف أندرويد جيش كامل من أفضل مهندسي العالم المتخصصين بمختلف المجالات. كل هذا كان من الصعب أن يحدث لو بقيت “أندرويد” شركة صغيرة أو متوسطة في وادي السيليكون.

نسخة الآيس كريم ساندوتش

أطلقت غوغل النسخة الرسمية الأولى من أندرويد في العام 2008 والتي حملت الرقم 1.5، حينها كان نظام التشغيل بسيطًا ومقتصرًا على الخدمات الأساسية، لكن بنيته التحتية بالطبع كانت جاهزة للمزيد من التطور. وهذا ما كان حيث حصل أندرويد خلال تحديثاته المتعاقبة على تحسينات كبيرة وجذرية ما بين نسخة وأخرى إلى درجة أن تسارع التحديثات بهذا الشكل أثار سخط البعض بدل أن يثير إعجابهم لأنه تسبب في إرباك مطوري التطبيقات والمستخدمين على حدٍ سواء. تطور النسخ استمر حتى نسخة بارزة هي 2.3 (خبز الزنجبيل) التي جلبت تحسينًا في الواجهات وفي أسلوب النسخ واللصق وجلبت مدير التحميل و NFC. في تلك الفترة كان أندرويد قد بدأ يحقق مزيدًا من الانتشار في الأسواق وبدأ المستخدم العادي يسمع بشيء اسمه أندرويد ولو على خجل. لكن القفزة الرئيسية في أندرويد كان نسخة أندرويد 4.0 (آيس كريم ساندوتش).

نسخة الآيس كريم كانت القفزة الأبرز في تاريخ تطوير أندرويد بسبب التصميم الجديد كليًا الذي جلبته والذي شكل نقلة نوعية من حيث الواجهات وأسلوب الاستخدام. التصميم الجديد جاء نتيجةً لجهود قادها Matias Duarte الذي وظفته غوغل خصيصًا لتقديم تجربة استخدام جديدة ومُبدعة في أندرويد. غوغل لم تكن يومًا شركة تهتم بالتصميم والشكل الخارجي، وقد حصلت نسخ أندرويد السابقة على انتقادات كبيرة بسبب شكلها غير المتجانس وتصميمها الركيك. لكن نسخة أندرويد 4.0 لم تأتِ لتغير التصميم فحسب، بل لتضيف تجربة استخدام جديدة. وبعد أن كان الكثيرون يتحدثون عن تفوق iOS من الناحية الجمالية، شاهدنا مؤخرًا كيف انعكست الآية وتأثر تصميم iOS 7 بتصميم أندرويد وجاء مشابهًا في عدد من النقاط. كل هذا بدأه أندرويد 4.0.

أندرويد 4.0 قدم وفي فكرة جريئة أزرار التحكم اللمسية المُدمجة ضمن الواجهات، وقدم زرًا خاصًا بتعدد المهام وطريقة جديدة كليًا للتنقل بين التطبيقات المفتوحة، وقدم شريط Action Bar في التطبيقات الذي يُسهل الوصول إلى الأدوات الأكثر استخدامًا ضمن التطبيقات مثل النسخ واللصق والمشاركة وغير ذلك، والويدجتس القابلة لتعديل الحجم، وشاشة قفل جديدة تتيح الانتقال المباشر إلى الكاميرا، وميزة التصحيح الإملائي في النصوص، ومحرك جديد وقوي للإدخال الصوتي، وإلغاء تأمين الشاشة عبر الوجه، وتطبيق جديد للكاميرا، والكثير غير ذلك، بالإضافة إلى الدعم الرسمي للغة العربية. باختصار، فإن نسخة الآيس كريم ساندوتش هي أساس التطور الذي وصل إليه أندرويد اليوم، وهي الأمر الذي نقله فعلًا من نظام ذو نسبة مستخدمين صغيرة نسبيًا إلى نظام تشغيل قوي وناضج واسع الانتشار.

Google Now

ننتقل الآن إلى النقطة الثالثة والأخيرة التي تُعتبر أبرز نقطة تحول في أندرويد خلال الفترة الماضية. أعرف بأن البعض سيستغرب وضع Google Now كواحدة من أبرز ما حدث لأندرويد منذ تأسيسه، خاصةً أن الكثير من المستخدمين لم يعتادوا استخدامها. لكن اختيار Google Now قائم على نظرة مستقبلية أكثر منها نظرة حالية. لا نبالغ إذ قلنا بأن مستقبل أندرويد خلال السنوات القليلة القادمة سيتمحور على Google Now!

هذه الخدمة التي تتيح لك التفاعل مع هاتفك صوتيًا، أنت تسأل وهي تجيب بسرعة ودقة عاليتين، وبصوت أقرب إلى الصوت البشري منه إلى الآلي. في الحقيقة فإن نقطة القوة الرئيسية الموجودة لدى غوغل مهما أطلقت من مُنتجات، هي شبكة الإنترنت. غوغل تمتلك الإنترنت بين يديها بفضل امتلاكها لأفضل محرك بحث والأكثر استخدامًا في العالم. ومن يمتلك الإنترنت ويجيد أرشفتها والتعامل معها فهو يمتلك كل شيء بمقاييس هذه الأيام. وكانت غوغل قد ذكرت في مناسبات عديدة سابقًا بأن هدفها الرئيسي هو الوصول إلى مرحلة خلال المستقبل القريب تتيح للمستخدم التحدث مع هاتفه بشكل طبيعي ودون تفكير.

تقوم Google Now على ميزة أطلقتها غوغل في محرك بحثها تدعى Knowledge Graph تتيح البحث بشكل ذكي يفهم الأشياء المختلفة وعلاقتها بعضها ببعض. عندما أعلنت الشركة عن الخدمة في العام 2012 قالت أنها تبحث في الويب لتتمكن من تمييز أكثر من 570 مليون عنصر وأكثر من 18 مليار علاقة ومعلومة تتعلق بهذه العناصر. لهذا تستطيع الخدمة فهم الأسئلة المباشرة، والإجابة عليها بشكل مباشر ومحدد ودقيق أقرب إلى ما اعتاد عليه البشر، مقارنةً بالبحث التقليدي الذي يعتمد على مجرد مطابقة كلمات وعبارات البحث.

خدمة Google Now تعتمد على كل هذا وتضيف إليه عنصر التخصيص لكل مستخدم على حدة، حيث تتعلم Google Now عن أوقات خروجك من المنزل وذهابك إلى العمل ومواعيدك والأشياء التي تفضلها والفرق الرياضية التي تتابعها، كل ذلك كي تجلب لك المعلومة في الزمان والمكان المناسبين قبل حتى أن تقوم بالبحث عنها.

حاليًا تقدم Google Now إمكانيات مثيرة للإعجاب، خاصة في مجال تمييز النطق. وحاليًا تجرّب غوغل في هاتف Moto X ميزة تتيح إعطاء الأوامر الصوتية دون لمس الجهاز أو فتح الهاتف يدويًا، مما يعطي Google Now تجربة استخدام أكثر بديهية وطبيعية، وهذا ما سنراه خلال الفترة القادمة كميزة أساسية في نسخ أندرويد، كي نصل إلى مرحلة تحقق فيها غوغل حلمها بتحدث المستخدم مع جهازه بطريقة بشرية طبيعية، وهو الحلم الذي استمدته -كما تقول دائمًا- من سلسلة الخيال العلمي Star Trek.

إذًا Google Now هي مستقبل أندرويد دون شك، لهذا استحقت مكانها هنا.

برأيك ماهي بعض التطورات أو الميزات الأخرى التي ساهمت بتحقيق قفزات نوعية في أندرويد؟ دعنا نعرف ضمن التعليقات.

Leave a Comment